وفاة سعد بن ابي وقاص

الكاتب: مروى قويدر -
وفاة سعد بن ابي وقاص

وفاة سعد بن ابي وقاص .

 

 

سعد بن أبي وقاص..

 

هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف، يلتقي مع أمّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في النسب، فجده أهيب بن عبد مناف، وهو عمّ آمنة بنت وهب أم النبي عليه الصلاة والسلام، وأمّه حمنة بنت سفيان بن أميّة؛ بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية، وُلد سعد في مكة المكرمة قبل الهجرة بثلاثٍ وعشرين سنة، وكان يعمل في شبابه في بري السهام وصناعة القسي، ولما بلغ السابعة عشر من عمره أسلم على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فكان من أوائل الناس إسلاماً، وقد خلّد التاريخ موقفاً عظيماً لسعد رضي الله عنه؛ فبعد إسلامه امتنعت أمّه حمنة عن الطعام، وهدّدته ليرتدّ عن الإسلام، فحُفظت له كلماتٌ في ذاكرة المسلمين، تُسطّر بماء الذهب، كلماتٌ تدلّ على قوّة إيمانه وثباته، حيث قال: (تعلمين والله يا أمّاه، لو كانت لك مئة نفسٍ فخرجت نفساً نفساً، ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي)، ثمّ أقسمت ألّا تأكل ولا تشرب، ولا تكلّمه حتى يرجع عن دينه، فأنزل الله -تعالى- آيات تُتلى، حيث قال: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)، وبعد هذا الموقف العظيم أكمل سعد -رضي الله عنه- مشوار الجهاد والتضحية في سبيل الله، فكان أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وواحداً من أمهر فرسان المسلمين، فاستحقّ بذلك فداء الرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- له بأبويه يوم أحد، حيث قال: (ارمِ سعدُ فداكَ أبي وأمِّي)، ودعا له بسداد الرمية، وإجابة الدعوة، فكان سعد -رضي الله عنه- مُجاب الدعاء، وشهد مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من المعارك، منها: غزوة بواط التي كان يحمل لواءها، وبدر، وأحد، وكان من شهود صلح الحديبية، وأحد الستة أصحاب الشورى، واستمرّ جهاده بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقاد معركة القادسية التي حصلت في أصعب مراحل فتح بلاد فارس والعراق، والتي شكّل النصر فيها على الفرس الضربة التى قضت عليهم وأسقطت دولتهم.

 

وفاة سعد بن أبي وقاص ووصيّته

 

وفاة سعد بن أبي وقاص

 

توفي سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في منطقة العقيق، التي تبعد سبعة أميالٍ عن المدينة المنورة، وكان ذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، في العام الخامس والخمسين للهجرة، ودُفن في البقيع.

 

وصايا سعد بن أبي وقاص

 

كان الصحابي سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- من العشرة المبشرين بالجنة، وصاحب مكانةٍ رفيعةٍ عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أقبلَ سعدٌ فقالَ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم هذا خالي فليُرِني امرؤٌ خالَهُ)، وقد نُقل عنه أنّه أوصى بعدّة وصايا، منها:

  • وصية سعد بن أبي وقاص لابنه: حيث قال فيها: (يا بني إيّاك والكبر، وليكن فيما تستعين به على تركه: علمك بالذي منه كنت، والذي إليه تصير، وكيف الكبر من النطفة التي منها خُلقت، والرحم التي منها قُذفت، والغذاء الذي به غذيت)، وأوصاه بوصيةٍ أخرى عند الموت، فقال: (يا بني إنّك لن تلق أحداً هو أنصح لك مني: فإذا أردت أن تصلّي فأحسن الوضوء، ثمّ صلّي صلاةً لا ترى أنّك تصلي بعدها، وإياك والطمع فإنّه فقرٌ حاضر، وعليك بالإياس فإنّه الغنى، وإيّاك وما يُعتذر إليه من العمل، وأعمل ما بدا لك).
  • وصية سعد بن أبي وقاص عند الموت: عندما حضرت سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- المنية، أوصى بأن يُكفّن بجُبةٍ من صوف، وقال: (لقيت المشركين فيها يوم بدر، وإنّما خبأتها لهذا اليوم)، ولما بدأ بالاحتضار كان رأسه في حجر ابنه مصعب، فبكى، فرفع سعد -رضي الله عنه- رأسه وقال: (يا بني ما يبكيك؟) فقال ابنه: (لمكانك وما أرى بك) فقال: (لا تبكِ، فإنّ الله لا يُعذبني أبداً، وإنّي من أهل الجنة).

 

مواقف سعد بن أبي وقاص

 

كان سعد -رضي الله عنه- رجل مواقفٍ، وصاحب همةٍ وثباتٍ، وقد ذكرت كتب التاريخ الكثير من مواقفه، ومنها:

  • الثبات يوم أحد: فقد ثبت سعد -رضي الله عنه- يوم أحد، وأبلى بلاءً حسناً، كما أخبر أبو عثمان -رضي الله عنه- أنّه لم يبقَ حول النبي -عليه الصلاة والسلام- إلّا رجلين؛ هما: سعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما، وكانا يقاتلان عنه أشدّ القتال.
  • اعتزال الفتنة: كان اعتزال سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- للفتنة التي حدثت بين الصحابة -رضي الله عنهم- دليلاً على ورعه وتقواه، فعندما جاء إليه بعض الصحابة -رضي الله عنهم- يسألونه القتال معهم، فأخبرهم أنّه لن يقاتل معهم حتى يعطوه سيفاً له عينان ولسان يقول هذا مؤمن وهذا كافر، بالإضافة إلى ما رُوي عنه أنّه كان معتزلاً في إبله، فجاء ابنه عمر فلمّا رآه قال: (أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب)، فنزل ثمّ قال: (أنزلت في أبلك وغنمك، وتركت الناس يتنازعون الملك فيما بينهم؟)، فضربه سعد -رضي الله عنه- في صدره، وقال له: (اسكت، سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: إنَّ اللهَ يحبُّ العبدَ التَّقيَّ، الغنيَّ، الخفيَّ).
شارك المقالة:
250 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook