لا تغيب عن أذهان المسلمين تلك الحقبة الصّعبة التي عاشها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ومن آمن بدعوته منذ فجر البعثة النبويّة في مكّة المُكرَّمة، حيث يستذكرون دائماً حجم المعاناة التي واجهها النبيّ الكريم، وصحبُه الأوائل آنذاك، وتحتشد المواقف في ذاكرتهم وهو يستعرضون تضحيات النبيّ عليه السّلام والصّحابة الكِرام أمام ظُلم المشركين من قريش، وهم يصدّونهم عن دعوة التوحيد ويُحاربونهم بكلّ بَطش وجبروت، وتظهر أمام كلّ تلك الآلام قصص البطولة، ومشاهد التّضحية في سبيل إقامة الدِّين، ونشر الهداية في العالمين، وكتب السيرة تُخلّد ما واجهه الصحابة الكرام، من مثل بلال بن رباح، وآل ياسر، وخباب بن الأرت رضي الله عنهم، من اضطهادٍ وتعذيبٍ في تلك المرحلة الصعبة.
وفي كتب السيرة أيضاً كيف أذن الله -سبحانه وتعالى- للنبيّ -عليه السلام- وصحابته -رضي الله عنهم- بالهجرة من مكة المُكرَّمة إلى المدينة المنورة، في إشارة إلهيّة جليلة إلى نجاح المسلمين في ابتلاء الثبات على الحقّ، لتبدأ بعد الهجرة النبويّة مرحلة بناء دولة الإسلام؛ فيصبح الإسلام حقاً له قوّة، وديناً له دولة يقودها نبيّ الرّحمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
الهجرة النبويّة هي انتقال رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- والمسلمين الأوائل من ديارهم في مكة المُكرَّمة إلى المدينة المنورة، بعد اشتداد أذى مشركي قريش لرسالة الإسلام وأتباعها.
لا شكّ أنّ لهجرة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته الكِرام أسباباً كثيرةً دعت إلى الانتقال من مكة المُكرَّمة إلى المدينة المنورة، وأهمّ هذه الأسباب:
مرّت الهجرة النبويّة بالعديد من الأحداث، التي تدلّ على إعجاز الله تعالى، ومؤازرة أبي بكر -رضي الله عنه- صاحبَه نبيّ الله في أصعب المواقف وأشدّها، وممّا كان في هجرتهما إلى المدينة ما يأتي:
موسوعة موضوع