وجوب الحجّ على العبد مرهونٌ بتوفُّر عدّة شروطٍ، ويُعرَّف الشرط بأنّه: ما لا يتمّ الشيء إلّا به، ولا يكون داخلاً في حقيقته؛ أي أنّه خارجٌ عن ماهيّة الشيء، وفي ما يأتي بيان الشروط المُتعلِّقة بالحجّ، والتي يجب توفُّرها في العبد المُطالَب بأداء الحجّ، فلا يُطالَب به بفَقد أيّ شرطٍ منها، وهي:
بيّن أئمّة المذاهب الأربعة أركان الحجّ، والرُّكن هو: ما لا يتمّ الشيء إلّا به، ويكون داخلاً في حقيقته، وقد نصّوا في كُتبهم على أنّ مَن ترك رُكناً من أركان الحجّ، بَطُل حجّه، إلّا أنّهم اختلفوا في عددها، وبيانها كما يأتي:
وهو نيّة الدخول في الحجّ، ولا يصحّ الحجّ إلّا بها؛ لِما ورد من أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى)، والنيّة مَحلّها القلب، ويُسَنّ التلفُّظ بها؛ إذ ورد عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا يقولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ، لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لكَ لَبَّيْكَ، إنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ)،والإحرام رُكنٌ عند المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وشرط صحّةٍ عند الحنفيّة.
ويُعرَف بطواف الزيارة، وقد ثبتت رُكنيّة الطواف في القرآن الكريم؛ فقد قال الله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، وعدد أشواط الطواف سبعة أشواطٍ، وكُلّها رُكنٌ عند الفقهاء الثلاثة؛ الشافعيّة، والمالكيّة، والحنبليّة، أمّا الحنفيّة؛ فالرُّكن عندهم أكثر السبعة؛ وهو أربعة أشواطٍ، والباقي واجبٌ؛ إذ إنّ الأكثر يأخذ حُكم الكلّ.
ويكون السَّعي بأن يقطع الحاجّ المسافة الواقعة بين الصفا والمروة سبعة أشواطٍ، وقد ذهب جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى أنّ السَّعي بين الصفا والمروة رُكنٌ من أركان الحَجّ، وخالفهم الحنفيّة في ذلك؛ فقالوا بأنّه واجبٌ وليس رُكناً، وقد ثبت في الصحيح عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (رَأَيْنَا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَحْرَمَ بالحَجِّ، وَطَافَ بالبَيْتِ، وَسَعَى بيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ).
يكون الوقوف بعرفة في اليوم التاسع من شهر ذي الحجّة، وقد اتّفق أئمّة المذاهب الأربعة على أنّ الوقوف بعرفة رُكنٌ أساسيّ من أركان الحجّ، وأنّ الحجّ لا يتمّ إلّا به؛ فمن فاته الوقوف بعرفة فاته الحجّ؛ وذلك لقَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (الحجُّ عرفةَ فمَن أدرك ليلةَ عرفةَ قبل طلوعِ الفجرِ من ليلةِ جمعٍ فقد تمَّ حجُّهُ)، واتّفق العلماء على أنّ وقت الوقوف بعرفة ينتهي بطلوع الفجر الصادق من يوم النَّحر؛ وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة، يوم عيد الأضحى، إلّا أنّهم اختلفوا في بداية وقته، وبيان اختلافهم فيما يأتي:
ذهب الشافعيّة إلى أنّ الحَلق رُكنٌ من أركان الحجّ؛ وذلك لقَوْل الله -تعالى-: (مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ)، وأقلّ الحَلْق الذي يحصل به الرُّكن إزالة ثلاث شعراتٍ للرجل، أمّا المرأة، فعليها التقصير؛ لقَوْل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ على النِّساءِ حَلقٌ إنَّما على النِّساءِ التَّقصيرُ)، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة إلى أنّ الحَلْق والتقصير من واجبات الحجّ، وليس رُكناً من أركانه
موسوعة موضوع