قام الصحابيّ الجليل زيد بن حارثة بأعمالٍ عظيمةٍ في حياته، نصر فيها النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، كان من أعظمها أنّه من الأوائل السابقين للإسلام، الداعمين للنبي -عليه السلام-، المؤمنين به، فهو أوّل من أسلم من الموالي وكان حينئذٍ بعمر الثلاثين وقيل الرابعة والثلاثين؛ ولعلّ من أعظم ما قدّمه زيد -رضي الله عنه- للإسلام كذلك حمله للراية يوم غزوة مؤتة فقد كان النبي -عليه السلام- غائباً عن المعركة، وبالرغم من عدد المسلمين المتواضع، حيث كانوا ثلاثة آلافٍ مقابل مئتي ألفٍ من الروم إلّا أنّ النبي -عليه السلام- لم يختر قائداً أولاً للمعركة إلّا زيداً -رضي الله عنه-، فثبت زيد حتى سقط شهيداً في سبيل الله في تلك الغزوة.
عُرف عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حُبّه الشديد لزيد بن حارثة -رضي الله عنه-، حتى كان يُلقّب بِحِبّ رسول الله -عليه السلام-، ويُذكر أنّ النبي في الجاهلية قد تبنّى زيداً -رضي الله عنه- لحبّه الشديد له، وبقي زيد يُدعى زيد بن محمّد حتى جاء حُكم الإسلام بتحريم التبنّي فرجع لاسمه ونسبه الأول زيد بن حارثة.
اشتُهر الصحابيّ الجليل زيد بن حارثة عن كلّ من سواه من أصحاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه الوحيد المذكور اسمه في القرآن الكريم، وقد أورد الله -تعالى- اسمه في آياته في طيّات حديثه عن إبطال التبنّي، وكان تأكيد ذلك بطلاق زيد -رضي الله عنه- لزوجته زينب بنت جحش، ومن ثمّ تزوج النبي -عليه السلام- بها؛ لإنهاء أيّ اتّصالٍ بحكم التبني الذي كان سائداً في الجاهلية، قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا).
موسوعة موضوع