تعتبر غزوة الخندق من أهم المعارك والغزوات الإسلامية، فقد كان في هذا الغزوة الكثير من الدروس والعبر والآيات، كما ترتّب عليها كثيرٌ من النتائج حيث أصبح للمسلمين هيبةٌ بين الأمم، وتحوّل حالهم من بعد الدفاع والمناورة العسكريّة إلى مرحلة الهجوم والمبادرة، وعبّر عن ذلك رسول الله عليهم الصلاة والسلام حينما قال: (الآن نغزوهم ولا يَغزونا) [الألباني: صحيح]، فما هي أسباب غزوة الخندق؟ وما هي نتائجها؟ وما هو سبب تسميتها بهذا الاسم؟
سميت تلك الغزوة بغزوة الأحزاب؛ لأنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام عندما استشار المسلمين في شأن الاستعداد للأحزاب أشار عليه الصحابيّ الجليل سلمان الفارسي بأن يحفر خندقاً؛ مبيّناً أنّه من فنون الحرب التي كان يلجأ إليها قومه من أهل فارس، وقد أخذ النبيّ الكريم بمشورة سلمان التي كان لها أثرٌ كبير في تحقيق النصر على الأحزاب بعد تأييد الله تعالى ونصره.
استطاع النبي والمسلمون تأمين المدينة المنوّرة وحمايتها من خلال حفر خندق حولها، فأصبحت جميع الجهات مؤمنة بالنسبة للمسلمين، وقد حاول جيش الأحزاب مراراً اختراق ذلك الخندق دون جدوى، وقد اشتدّ الحصار على المسلمين حينما نقضت بنو قريظة عهودها مع النبيّ عليه الصلاة والسلام، وعلى الرغم من تلك الشدة وهذا الامتحان العظيم لصبر المسلمين، فقد كانت نتيجة المعركة انتصار معسكر المسلمين حينما ولّى الأحزاب هاربين بفضل الله تعالى، حيث أيّد الله سبحانه المسلمين يوم الأحزاب بجنودٍ من عنده حينما أرسل الريح الباردة الشديدة التي اقتلعت معسكرات الأحزاب وكفأت قدورهم وأصابتهم بالهلع الشديد، كما ساهم نعيم بن مسعود وهو رجلٌ من غطفان أتى النبيّ عليه الصلاة والسلام مسلماً في تفريق معسكر الأحزاب، وذلك بإحداث الفرقة وزعزعة الثقة بينهم حينما أتى كل فريقٍ منهم يخوّفه من الفريق الآخر.