عندما تمت إرادة الله بخلق آدم جسداً، وتهيأ هذا الجسد إلى المرحلة الثانية عندما شاءت إرادته أن يجعله بشراً سويا، فنفخَ فيه من روحه، فإذا هو إنسان حي من لحمٍ ودم وعظم وعصب، يتحرك بإراتهِ، يُفكر ويسمع ويتكلم، إنها القدرةُ الإلهيةُ الفائقة التي خلقت آدم في أكمل صورةٍ وأحسن تقويم وهي القدرةُ الإلهية التي تخلق من العدم وجوداً، ومن السكون حركةً، ومن الجماد حياة وروحاً، فإذا التراب يتحرك وإذا الطين يتكلم، وإذا الجماد بشراً سويا، إنها إرادة الله الذي يقول للشيء كُن فيكون.
يؤمن أهل الكتاب بأن الله قد نفخَ في آدم من روحهِ كما جاء في سفر التكوين، ونفخَ في أنفهِ نسمةُ حياةٍ فصار آدم نفساً حيةً. يقول شِراح الكتاب المقدس: أما الإنسان الداخلُ فقد أنشأتهُ نفخةُ الرب الإله، وهذه النفخة الإلهيةُ هي التي جعلت آدم نفساً حية، وهي أساس الخلود، فآدم لم يصر نفساً حية إلا بنفخة الرّب الإله.
قالوا : يا رسولَ اللهِ ! مَتى وجَبت لكَ النُّبوَّةُ ؟ قال : “وآدمُ بين الرُّوحِ والجسَدِ” . الراوي أبو هريرة والحديث صحيح.
النُّبوَّةُ اصْطِفاءٌ من اللهِ تعالى، وقد اختارَ صَفْوةَ البَشَرِ؛ ليَكونوا المِثال الواقِعيَ الحَيَّ للمُثُلِ والقِيم الرَبانِيَّة التي ارْتَضاها للبَشَرِيَّةِ شِرعةً ومِنهاجًا.