عدد الأنبياء والرسل

الكاتب: مروى قويدر -
عدد الأنبياء والرسل

عدد الأنبياء والرسل.

 

 

الأنبياء والرّسل:

 

يُعرّف النبي لغةً على أنه صاحب النبوّة المخبِر عن الله تعالى، وهو إنسان يختاره الله -عز وجل- ليوحي إليه بشريعة أو دين، أما الرسول فيُعرّف على أنه شخص يبعثه الله -تعالى- بشرع يعمل به ويبلغه، ويَكْمن الفرق بين الأنبياء والرسل في أن الأنبياء بُعثوا بشريعة من سبقهم ليذكّروا أصحاب تلك الشريعة بها ويجددوها، أما الرسل فقد بُعثوا بشريعة إلى أقوام لا يعلمونها من الأصل، أو يعلمونها ولكنهم خالفوها، ومن الجدير بالذكر أن الأنبياء والرسل جميعاً دينهم واحد، ولكن شرائعهم مختلفة، وقد بشّر السابقون من الأنبياء والمرسلين بمن سيلحق بهم، وآمن اللاحقون بنبوة من سبقهم، وكان أول رسول بعثه الله -تعالى- نوح عليه الصلاة والسلام، حيث أرسله إلى قوم كفار ليدعوهم إلى التوحيد وينهاهم عن الشرك.

 

عدد الرسل والأنبياء:

 

بعث الله تعالى الأنبياء والرسل إلى أقوامهم ليخرجوهم من الظلمات إلى النور، وقد كانت بعثتهم متتابعة، حيث يتْبع الرسول الرسول، مصداقاً لقول الله تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَىٰ ۖ كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ ۚ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ۚ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ)، وقد ذكر الله -تعالى- قصص بعض الأنبياء في القرآن الكريم، ولم يذكر بعضهم الآخر، مصداقاً لقوله عز وجل: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا)، والأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم هم: آدم، ونوح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وإدريس، وهود، وصالح، وموسى، وعيسى، ولوط، وشعيب، ويونس، وداود، وسليمان، وإلياس، واليسع، ويحيى، وزكريا، وأيوب، وهارون، ويوسف، وذو الكفل، ومحمد عليهم الصلاة والسلام جميعا.


ويبلغ عدد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبياً، ثمانية عشر منهم ذُكروا في سورة الأنعام، والباقي في سور متفرقة، ومنهم أربعة عرب وهم: شعيب، وصالح، وهود، ومحمد صلى الله عليه وسلم، وتجدر الإشارة إلى اختلاف العلماء في نبوّة ثلاثة أشخاص ورد ذكرهم في القرآن الكريم، وهم: الخضر، وتبّع، وذي القرنين، حيث قال بعض العلماء بنبوّة ذي القرنين وتبّع، والصحيح التوقف في ذلك، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما أدري أَتُبَّعُ أنَبيًّا كان أم لا؟ و ما أَدري ذا القَرنينِ أَنبيًّا كانَ أم لا؟)، وأما الخضر فهو نبي من أنبياء الله على الأرجح.


ومن الجدير بالذكر أن العلماء قد اختلفوا في عدد الأنبياء والرسل، ويرجع السبب في خلافهم إلى ثبوت بعض الأحاديث النبوية التي تذكر عددهم عند بعض أهل العلم، وعدم ثبوتها عند بعضهم الآخر، حيث قال بعضهم أن عدد الأنبياء والرسل مئة وأربعة وعشرون ألفاً، واستدلوا على ذلك بالحديث الذي رُوي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسولَ اللهِ كمِ الأنبياءُ؟ قال: مئةُ ألفٍ وعشرونَ ألفًا، فقال: يا رسولَ اللهِ كمِ الرُّسلُ مِن ذلك؟ قال: ثلاثُمئةٍ وثلاثةَ عشَرَ جمًّا غفيرًا، قال: يا رسولَ اللهِ مَن كان أوَّلَهم؟ قال: آدَمُ)، وقال بعضهم الآخر أن عدد الأنبياء والرسل ثمانية آلاف، واستدلوا بما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (بعثَ اللهُ ثمانيةَ آلافِ نبيٍّ أربعةُ آلافٍ إلى بَني إسرائيلَ وأربعةُ آلافٍ إلى سائرِ النَّاسِ).


ومن العلماء من قال بأن عدد الأنبياء والرسل ألف نبي ورسول، واستدلوا بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنِّي خاتَمُ أَلْفِ نَبيٍّ، وأكثَرُ ما بُعِثَ نَبيٌّ يُتَّبَعُ إلَّا قد حذَّرَ أُمَّتَه الدَّجَّالَ)، وفي الحقيقة أن أغلب ما سبق من الأحاديث ليست بصحيحة، وضعّفها كثير من العلماء، ولذلك ذهب العديد من الأئمة إلى عدم الأخذ بها، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي نقل رأي الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن نصر المروزي في تضعيف الأحاديث الواردة في ذكر العدد، حيث قال في مجموع الفتاوى: (وهذا الذي ذكره أحمد، وذكره محمد بن نصر، وغيرهما، يبين أنهم لم يعلموا عدد الكتب والرسل، وأن حديث أبي ذر في ذلك لم يثبت عندهم).

 

خصائص الأنبياء والرسل:

 

اصطفى الله -تعالى- الأنبياء والرسل من صفوة البشر، وفضّلهم بخصائص عديدة ميّزتهم عن سائر الناس، ويمكن بيان بعض هذه الخصائص فيما يأتي:

  • العصمة من ارتكاب الكبائر: حيث إن الأنبياء والرسل معصومون عن ارتكاب الفواحش والآثام، ويستحيل وقوعهم بها، وقد نقل القاضي عياض -رحمه الله- إجماع المسلمين على عصمة الأنبياء من الفواحش، والموبقات، والكبائر، وقال بعض أهل العلم أن الأنبياء معصومون عن صغائر الذنوب أيضاً.
  • الوحي: فقد ميّز الله -تعالى- الأنبياء عن غيرهم من البشر بأن دعوتهم كانت بوحي من الله تعالى، مصداقاً لقوله عز وجل: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ).
  • نوم العيون من غير نوم القلب: فقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (تنامُ عيني ولا ينامُ قلبي)، وروى أنس بن مالك -رضي الله عنه- واصفاً النبي -عليه الصلاة والسلام- في حادثة الإسراء والمعراج: (وتَنامُ عَينُه ولا يَنامُ قَلبُه، وَكذلكَ الأَنبياءُ تَنامُ أَعينُهم وَلا تَنامُ قُلوبُهم)، وقد بيّن الإمام النووي -رحمه الله- أن هذا من خصائص الأنبياء عليهم السلام.
  • عدم نزع لأْمة الحرب عند لبسها إلا بعد القتال: فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّه ليس لنَبيٍّ إذا لَبِسَ لَأْمَتَه أنْ يَضَعَها حتى يُقاتِلَ).

 

مكانة الأنبياء والرسل عند رسول الله:

 

كان محمد -صلى الله عليه وسلم- يحب إخوته في النبوّة ويحترمهم ويقدّرهم، ويعتبر نفسه والأنبياء الذين سبقوه كلبِنات في بناء واحد، أو كحلقات في سلسلة واحدة، ولم يكن -عليه الصلاة والسلام- ينظر إليهم على أساس المفاضلة، أو المنافسة، أو المنازعة، بل كان يقول: (إنَّ مَثَلي ومَثَلَ الأنبياءِ من قبلي، كمَثَلِ رجلٍ بنى بيتًا، فأحسَنه وأجمَله إلَّا موضِعَ لبِنةٍ من زاويةٍ، فجعَل النَّاسُ يطوفونَ به، ويعجَبونَ له ويقولون: هلَّا وُضِعَت هذه اللَّبِنةُ؟ قال: فأنا اللَّبِنةُ، وأنا خاتمُ النَّبيِّينَ)

شارك المقالة:
299 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook