اصطفى الله تعالى النَّبي محمداً -عليه الصَّلاة والسَّلام- من بين العرب أجمع، ومن قبيلة قريش على وجه الخصوص، ليحمِّله الرِّسالة ويكلِّفه بأمانة تبيلغها وصدق الدَّعوة إليها، فلم يصدِّقه ويؤمن معه بادئ الأمر إلّا قلَّة قليلة، آزرت النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ونصرت دعوته، رغم ما لاقته وعانته بسبب إسلامها من إيذاءٍ وإساءةٍ مادِّيَّةٍ ومعنويَّةٍ، ثمَّ مع استمرار الدَّعوة كبرت هذه الفئة وكثُر عددها، وبقت على ما بقت عليه من نصرةٍ للإسلام وحمايةٍ لدعوته وتضحيةٍ في سبيله، وتلك الفئة هي الصَّحابة الكرام -رضي الله عنهم- الذين أكرمهم الله بدرجاتٍ رفيعةٍ وميَّزهم بمنزلةٍ عاليةٍ، فقال تعالى عنهم في محكم كتابه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)، ونعتهم النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- بالخيريَّة، فقال فيهم: (خيرُ الناسِ قَرْنِي، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهم، ثم الَّذِينَ يَلُونَهم، ثُمَّ يَجِيءُ قومٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمينَهُ، ويَمينَهُ شَهَادَتَهُ)، ومن بين الصَّحابة الكرام الفاروق عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه-، وتالياً في هذه المقالة تعريفٌ به، وحديثٌ عن صفةٍ من أبرز صفاته، وهي العدل، وبعض المواقف من حياته التي تجلَّت فيها هذه الصِّفة العظيمة.
هو أمير المؤمنين وثاني خلفائهم الرَّاشدين، الفاروق عمر بن الخطَّاب بن نفيل بن عبد العُزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشيّ، أسلم في السَّنة السادسة لبعثة النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- وهو في السَّابعة والعشرين من عمره، وقد كان -رضي الله عنه- ذا بنيةٍ قويَّةٍ، طويل الجسم، شديد بياض البشرة، تشوب بياض وجهه حُمرةٌ.
وقد تزوَّج أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- عدداً من النِّساء، ومنهنَّ على سبيل الذِّكر:
لعلَّ من أجلِّ الصفات وأعظم المناقب التي أُثرت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب -رضي الله عنه- وعُرف بها صفة العدل، لما كان منه -رضي الله عنه- من تمسُّكٍ بالحقِّ وعدم حيادةٍ عنه لأي سببٍ وتحت أي ظرفٍ كان، فقد وصفه النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- فقال عنه: (إنَّ اللهَ جعَل الحقَّ على لسانِ عُمَرَ وقلبِه)، كما أنَّ عدله -رضي الله عنه- تمثَّل في معاملته مع رعيته وتعاملاته مع أمرائه وولاته، فلم يكن يفرِّق بين أحدٍ منهم، وكانوا جميعاً سواسيةً في الحقوق والواجبات، والشواهد والأمثلة الدَّالة على عدل عمر -رضي الله عنه- كثيرةٌ جداً، منها على سبيل الذكر لا الحصر:
موسوعة موضوع