في كلّ سورةٍ من سور القرآن الكريم يقف المرء عاجزًا عن إدراك جميع المعاني والأسرار البلاغية واللغويّة، ويصبح العقل البشريّ -على عظمته- ضعيفًا غيرَ قادرٍ على تفسير كلّ موضعٍ من المواضع البيانيّة التي جاءت من خالق الكون -جلّ وعلا- على لسان أشرف خلق الله -عليه الصّلاة والسّلام-؛ لذا فإنّ النّفس البشريّة تطلب تفسيرًا وتأويلًا لكلِّ ما يُعجزها ويُظهر ضعفها، وفيما يأتي سيتمّ الوقوف مع جانبٍ من تأمّلاتٍ في سورة الممتحنة؛ ليتمَّ تخيّر بعض لمسات البيان التي وُضعت بين يدي هذه السّورة المباركة، كما يأتي: في قوله -تعالى-: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، وبعدها قوله -تعالى-: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} فما تفسير ذلك هنا؟
ورد في تفسير القرطبيّ أنّ سورة الممتحنة هي سورةٌ مدنيّةٌ في قول جميع المفسّرين، آياتها ثلاث عشرة آيةً شريفةً، سمّيت الممتحِنة بكسر الحاء، ومعناه: المختبرة، وأضيف الفعل إليها مجازًا، سمّيت أيضًا بسورة التّوبة المبعثرة والفاضحة؛ لأنّها كشفت عيوب المنافقين، وقيل في تسميتها كذلك الممتحَنة بفتح الحاء، وهي بذلك قد أضيفت إلى المرأة التي نزلت فيها هذ السّورة، وهي أمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وفيما يأتي سيتمّ الوقوف مع جانبٍ من تأمّلاتٍ في سورة الممتحنة