حسن الخلق

الكاتب: مروى قويدر -
حسن الخلق

حسن الخلق.

 

 

الأخلاق في ميزان الله:

 

ورد في فضل الأخلاق في القرآن الكريم، والسنة النبوية العديد من الأحاديث والآيات الكريمة التي تبيّن فضلها ومكانتها في ميزان الله سبحانه، فإنّ تجمّل الإنسان بالأخلاق الحسنة، وظهورها على شخصه في رضاه وغضبه، وسائر أحواله يعدّ من أعظم القُربات لله تعالى، حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن شيءٌ أثقلُ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ من خُلقٍ حَسنٍ)، وقال النبيّ أيضاً مُوصياً عبد الله بن عمرو: (أربعٌ إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتَك من الدُّنيا حفظُ أمانةٍ، وَصِدْقُ حديثٍ، وحُسنُ خلقٍ، وعفَّةٌ في طُعمةٍ)، فكان حُسن الخلق جامعاً لفضل وخيري الدنيا والآخرة كما في الحديثين السابقين، فالحديث الأول يُظهر أنّ حسن الخلق قد يكون سبباً في النجاة من النّار إلى الجنّة بوزن الخلق الرفيع، وفي سياق الحديث الآخر أنّ المرء إذا بلغ مراتباً عليا في خلقه فلا يضرّه ما فاته بعد ذلك من الدنيا.

وأوصى الله -سبحانه- عباده بالتمسّك بأحسن الأخلاق، وفصّل بعضها في آياتٍ كريمةٍ، كقوله سبحانه: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)، وفي موضعٍ آخرٍ امتدح الله -سبحانه- نبيّه لخلقه الكريم فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، ولقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يسأل الله -سبحانه- أن يمتّعه بالخلق الجميل والصفات العظيمة، فورد عنه دعاء: (واهدِني لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِها إلّا أنت، واصرِفْ عني سيِّئَها لا يصرفُ عني سيِّئَها إلّا أنت)، وللمؤمنين قدوةً في نبيهم -عليه السلام- أن يسألوا الله -سبحانه- خير الأخلاق، وأن يجنّبهم شرّها؛ لينالوا الفضل والأجر من ربّهم عزّ وجلّ.

 

تعريف الأخلاق:

 

عرّف علماء اللغة والشرع الأخلاق لغةً واصطلاحاً، وبيان ذلك على النحو الآتي:

  • معنى الأخلاق لغةً: الأخلاق جمع خُلُق، وهي مجموعة من الصفات النفسية والأعمال التي يقوم بها الإنسان، وتُوصف بالحُسن أو القُبح، كما يتعارف على ذلك في المجتمع وبين الناس.
  • معنى الأخلاق اصطلاحاً: الأخلاق هيئةٌ ثابتةٌ راسخةٌ، مستقرةٌ في نفس الإنسان، غير عارضة طارئة، فهي تُمثِّل عادةً لصاحبها تتكرّر كلّما حانت فرصتها، فإن كان الصفة عارضة فليست جديرة بأن تسمّى خُلُقاً، وهذا التعريف العام للأخلاق في الشرع، وقال الغزاليّ رحمه الله: الخلق عبارة عن هيئةٍ في النفس راسخةٍ، عنها تصدر الأفعال بسهولةٍ ويُسرٍ، من غير حاجةٍ إلى فكرٍ ورويّةٍ، وأمّا التعريف الخاص للأخلاق فيُقصد فيه التمسّك بأحكام الشريعة كلّها، ما أُمر بإتيانها أو تركها، وفي ذلك قال النبيّ عليه السلام: (البِرُّ حُسنُ الخُلُقِ).

 

أمثلة على مكارم الأخلاق:

 

من الأمثلة على الأخلاق الحسنة التي جاء بها الإسلام، وحثّ عليها المسلمين:

  • الحياء؛ وهو خلق الإسلام كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ لكلِّ دِينٍ خُلقاً وخلقُ الإسلامِ الحياءُ)، والحياء درجات؛ أعظمها حياء الإنسان من ربّه، فيحفظ نفسه وعقله وقلبه من كلّ محرّم لا يُرضي الله تعالى، يليه الحياء من رسوله عليه السلام؛ بحبّه، ومعرفة سيرته، واتّباع سنّته، ثمّ ما يلي ذلك من حياءٍ من الناس بتجميل الكلام والأفعال، وترك القبيح والمجاملات التي لا حقيقة لها ولا نفع، وقيل في الحياء إنّه دليل الخير كلّه؛ لِما يشمل من سموٍّ في طبع المسلم.
  • الزّهد؛ وقد عرّفه ابن تيمية أنّه ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدنيا، وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله عزّ وجلّ، ولا يكون الزهد كاملاً إلّا بعد أن يتيقّن المرء أمرين اثنين؛ أولهما التفكّر في حقيقة الدنيا، وسرعة مرورها وانقضائها، وثانيهما التفكّر في حقيقة الآخرة، والرغبة بما فيها من خلودٍ ودوامٍ، وبيّن الله -تعالى- في الآيات الكريمة حقيقة الدنيا والتزهّد فيها، إذ قال: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) ولقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مثالاً يُحتذى به في زهده وإعراضه عن الدنيا، فقد ورد في صبره على الجوع أنّ الشهور كانت تمرّ دون أن يُوقد في بيته ناراً لإنضاج طعام، ولم يكن له قوته حينها إلّا التمر والماء، وكان فراشه من أدم، وينام على الحصير ولا يبالي، وبهذا تواصى الصحابة والتابعون من بعده، إذ أوصى أحد الزهّاد أخاه قائلاً: (دع همّ الدنيا لأهلها كما تركوا همّ الآخرة لأهلها).
  • الصدق؛ فالصدق من الصفات الحسنة، يتّصف بها المؤمنون ويتحرّونه في كلّ ظروفهم، وقد ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه قال: (عليك بالصدق وإن قتلك)، ولخّص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فضل الصدق ومآله العظيم بقوله: (إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَصدُقُ حتَّى يَكونَ صدِّيقاً).
  • الأمانة؛ حيث إنّ النبيّ -عليه السلام- كان قدوة المؤمنين في الأمانة، حتى كان ملجأً لأعدائه اليهود، إذ يعادونه في الصباح والمساء، ثمّ يضعون أماناتهم عنده، ولا يشكون لحظةً في غدره أو خيانته، وقد أدّى رسول الله أمانته فعلاً حين هاجر إلى المدينة المنوّرة، فاستخلف علياً رضي الله عنه؛ ليؤدّي الأمانات إلى أهلها، ثمّ يلحق به، ووورد الأمر من الله -سبحانه- لعباده بأداء الأمانات، فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا).
شارك المقالة:
248 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook