تحية إلى رجال الهيئة

الكاتب: المدير -
تحية إلى رجال الهيئة
"تحية إلى رجال الهيئة

 

أربعُ سنواتٍ غَبَرَت على إقامَتي في هذه البلاد الطيِّبَة (المملكة العربيَّة السعوديَّة)، لم يتسنَّ لي فيها تعرُّفُ أحد من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكَر، أو الوقوفُ من قُربٍ على ما تَضْطَلعُ به الهيئةُ من أعمال وما تتولاَّه من أعباء.

وكان يتسرَّبُ إلى مِسْمَعَيَّ - بين حينٍ وآخرَ - بعضُ الغَمز على أفراد الهيئة، والتعريضُ بشيء من أفعالهم، وما كنتُ أُعيرُ تلك الأقوالَ كثيرَ اهتمامٍ؛ لما كنتُ أستشعرُ في لهجة قائليها من حَيْدٍ عن الإنصاف، وجُنوح عن العَدل إلى المبالغة والتجنِّي.

ثم قدَّر الله سبحانه عليَّ - من أيامٍ قليلة - أن أتعرَّض لأمر اضطُررتُ معه إلى الالتجاء إلى أحد مراكز الهيئة قَريبٍ من مَسْكَني، وهناكَ أبصرتُ بمقلتيَّ، وسمعتُ بأذنيَّ، ما يَشْفي صُدورَ المؤمنين، ويُبْهج أفئدةَ الصالحين.

لقد لقيَني ثَمَّ إخوةٌ سيماهُم البِشْرُ والبَشاشَة، تفيضُ وجوههم بألَق البِرِّ والدَّماثَة، أَماراتُ الإخلاص على مُحَيَّاهُم باديَة، ونَسَماتُ الصدق من أفواههم آتيَة، امتلأت نفوسُهم بالغَيرة على دين الله وحُرُماته أن تُنتَهَك، ونَدَبوا أنفُسَهُم للعمل الجادِّ فيما يُصلح الأمَّةَ ويحافظُ على كِيانها.

كان الجميعُ يبدي الاهتمامَ والحرصَ على المساعدة، ولا يَتوانى في مدِّ يد العَون، مُحتسبينَ الأجرَ عند الله، لا يَرجون منِّي - ولا من أحدٍ من الخَلق - جزاءً ولا شُكورًا، غايتُهم إنكارُ المنكَر والتحذيرُ منه، ونشرُ المعروف والترغيبُ فيه.

فيا سبحانَ الله! شتَّانَ ما بين هذه الصُّورة المشرقَة المتألِّقَة التي وقَفتُ عليها بنفسي، وبين ما يُطلقه بعضُ المُغْرِضين من ألفاظ النَّبْز والتهكُّم.

ولا يَعني كلامي أنْ ليس فيهم غَميزَة، أوأنهم مُبَرَّؤونَ من كلِّ عَيبٍ ونقيصَة، بل هم بشَرٌ من جُملة البشَر، مَقْدورٌ عليهم الضَّعفُ والزَّلل، ولكنْ من حقِّهم علينا إذا ما أخطَؤوا: أن ننصحَ لهم، وأن نبيِّنَ لهم أخطاءهم بالَّتي هي أحسَن، لا أن نتَّخذَها ذَريعَةً للتشهير بهم، ونحمِّلَ الهيئةَ كلَّها جَريرةَ أفرادٍ منها.

وحسبُ هؤلاءِ الشبابِ أنهم نَذَروا أنفسَهم لحمل أمانةٍ تنوءُ بثقَلها الجبالُ الراسيات، إنها أمانةُ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، هذه الفَريضَةُ العظيمةُ التي أمرَنا الله بها، وحذَّرَنا من مَغَبَّة التقصير في أدائها، بَلْهَ تَضْييعَها.

فألفُ تحيَّة لشباب الهيئة ورجالها، وجَزاهم الله خيرًا على جهودهم الطيِّبة الصادقَة، ونسألُ الله تعالى أن يسدِّدَ خُطاهم، ويُنْجحَ قصدَهم، في نشر الفضيلَة ومحاربة الرَّذيلَة،  وأن يتقبَّلَ منهم أقوالَهم وأعمالَهم خالصةً لوجهه الكريم.

وهَنيئًا لهذه البلاد الطيِّبَة... هَنيئًا لها وجودُ هيئة تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكَر على أراضيها؛ فإن وجودَها لدليلٌ بيِّنٌ على أصالَة الخير فيها، وَلْتَفخَر - وحُقَّ لها أن  تفخَر - بهؤلاء الرجال والشَّباب القُدوة.

ولايزالُ في الأمَّة خيرٌ ما دامَ فيها أمثالُهم، ثبَّتَهم الله على الحقِّ، وأيَّدَهم بتوفيقه، وكفَّ ألسنةَ المنافقين عنهم، وأكثرَ في الأمَّة أمثالَهم.


"
شارك المقالة:
155 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook