قال أهل العلم بعدم جواز أداء المرأة الحائض، أو النفساء لبعض العبادات، كالصلاة، والصيام؛ فلا يجوز لهما عَقْد نيّة صيام الفريضة، أو النافلة على حَدٍّ سواء، وإن صامتا، فلا يُقبَل منهما صيامهما، وتأثَمان بذلك، إلّا أنّه يترتّب عليهما قضاء ما أفطرتاه من الصيام، دون قضاء الصلاة؛ إذ يَشُقّ عليهما قضاء الصلاة، وقد رُفِعت المَشقَّة في الإسلام، قال -تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
اختلف أهل العلم في صيام الحائض في حال تحقُّق طهارتها في نهار رمضان، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
يصحّ صيام الحائض في حال طُهرها قبل الفجر، مع عَقْدها النيّة على الصيام، ولا يُشترَط الاغتسال لصحّة الصيام؛ إذ يمكن أن تُؤخّرَه إلى ما بعد الفجر؛ قياساً على حُكم صيام الجُنب؛ وقد استدلّوا بما ثبت فيما أخرجه الإمام مسلم عن أمّ سلمة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِن غيرِ احْتِلَامٍ، ثُمَّ يَصُومُ)، وقد نقل الإمام النوويّ -رحمه الله- الإجماع على صحّة صيام الجُنب، فقال: "أَجْمَعَ أَهْل هَذِهِ الأَمْصَار عَلَى صِحَّة صَوْم الْجُنُب، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ اِحْتِلام أَوْ جِمَاعٍ".
يجدر بالمسلم الامتثال لأوامر الله -تعالى-، واجتناب نواهيه؛ سواء عَلِمَ الحكمةَ من التكليف، أم لم يعلم؛ لقَوْل الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، ولمّا سُئِلت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بحَرُورِيَّةٍ، ولَكِنِّي أسْأَلُ. قالَتْ: كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ)، فبيّنت الحُكم الشرعيّ دون أن تُبيّن الحِكمة منه، وفي الحقيقة أنّ كلّ أمرٍ يُوجِبه الشَّرع على المُكلَّف فيه مصلحةٌ له؛ سواء عُلِمت، أم خفيت.
موسوعة موضوع