هو أبو محمد الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف ابن ثقيف، الثقفي، وهو من أشهر الشخصيات في التاريخ العربي الإسلامي، فقد لعب دوراً كبيراً في تثبيت أركان الدولة الأموية، وسير الفتوحات، وتخطيط المدن، وبنائها، حيث بنى مدينة واسط، وقد ارتبط في الذاكرة الشعبية بروايات مبالغ فيها تدل على ميراث كبير من الرعب والخوف خلفه وراءه.
نشأ الحجاج في الطائف، وتعلم القرآن الكريم، والحديث الشريف، واللغة العربية والفصاحة، فعمل في بداية حياته معلماً للفتيان مع والد
ه، فأخذ يفقههم في أمور الدين، ويعلمهم القرآن والحديث، ومع ذلك لم يكن راضياً عن عمله هذا، على الرغم من تأثيره الكبير عليه، واشتهاره بتعظيم القرآن.
انتقل الحجاج من الطائف إلى الشام عاصمة الدولة الأموية، ليبدأ مشروعه السياسي منها، فكان من اتباع شرطة روح بن زنباغ نائب عبد الملك بن مروان، ومازال يظهر حتى سلمه عبد الملك أمر عسكره، ثمّ ولاه على مكة المكرمة، والطائف، والمدينة المنورة، وثبتت له الإمارة، ولكنه لم يستمر طويلاً في حكم الحجاز، حيث كثرت الشكاية فيه، فقدم عبد الملك بن مروان إلى المدينة، وخطب على منبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فعزل الحجاج عن الحجاز، وأقراه على العراق.
بعد أن أمضى الحجاج عامين والياً على الحجاز نقله الخليفة إلى العراق خلفاً لأخيه بشر بن مروان، وكانت الأمور في العراق مضطربة، فحشد الناس للجهاد، ولكن سرعان ما نشبت حركة تمرد في صفوف المحاربين نتيجة إنقاص الحجاج من أجورهم مبلغ مئة درهم، ولكنه تمكن من إخماد التمرد، كما أنّه عفا عن المتمردين إلا بعض القادة، وبعد أن عاد الاستقرار إلى العراق توجه الحجاج إلى البدء بحركة الفتوحات التي توقفت منذ فترة، فأرسل جيشاً عظيماً بقيادة ابن الأشعث أُطلق عليه جيش الطواويس، ولكن هذا الجيش أعلن الثورة، وقد استغرق الحجاج مدة ثلاث سنوات حتى استطاع إخماد الثورة، حيث خاض معركة دير الجماجم بمساعدة جيش الشام، وتمكن من القضاء على المتمردين.
توفي الحجاج بمرض يُعتقد أنه سرطان المعدة، في مدينة واسط في العشر الأواخر من رمضان عام 95هـ، وقد قال الحجاج قبل موته: (اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل)، وأنشد يقول:
يَا رَبِّ قَدْ حَلَفَ الأَعْدَاءُ
وَاجْتَهَدُوا بِأَنَّنِي رَجُلٌ مِنْ سَاكِنِي النَّارِ
أَيَحْلِفُونَ عَلَى عَمْيَاءَ؟
وَيْحَهُمُ ما عِلْمُهُمْ بكريم العَفْوِ غَفَّارِ؟
ترك الحجاج وصية قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به الحجاج بن يوسف: أوصى بأنّه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّه لا يعرف إلّا طاعة الوليد بن عبد الملك، عليها يحيا وعليها يموت وعليها يبعث). وقد دُفن في قبر غير معروف المحل في مدينة واسط.
موقع موضوع