الاحتلام عند المرأة

الكاتب: مروى قويدر -
الاحتلام عند المرأة

الاحتلام عند المرأة.

 

 

معنى الاحتلام:

 

إن المقصود بالاحتلام أن يتخيل المرء في نومه أنه يُجامع، فينزل منه المني ولو كان ذلك قليلاً، وهذا الأمر من الأمور الطبيعية التي تحدث عند المرأة، فهي تحتلم كما يحتلم الرجل، قال الشيخ البسام معنى (احتلمت): "عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، والمراد هنا: إذا رأت المرأة في نومها مثل ما يرى الرجل من صورة الجماع وتمثيله"، وفي هذه الحال لا يجوز للمرأة الصلاة أو مس المصحف وتلاوة القرآن وغير ذلك مما لا يجوز مزاولته إلا بالطهارة إلا بعد أن تغتسل، لكن إن استيقظت المرأة ولم ترى بللاً، أي لم ترى المني؛ فإنها لا تغتسل، إذ إن الاغتسال في حق من رأت المني بعد الاحتلام.


والسّن المعتبر للاحتلام للذكر والأنثى هو تسع سنين قمريّة، ولا يستطيع الإنسان أن يتجنّبه في نومه، إذ إن الاحتلام لا يكون بمقدرة الإنسان ولا يؤاخذ عليه، لكن قد يخفّف ذلك من خلال عدة أمور؛ لأن هذه المنامات قد تكون من الشيطان، فيستعيذ الإنسان بالله من الشيطان، ويجتنب النظر إلى المثيرات والمحرّمات، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء، ويحافظ كذلك على أذكار النوم، ويستحضر معانيهم، فإن ذلك من شأنه أن يخفّف من هذه المنامات.

 

احتلام المرأة:

 

إن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، والدليل على ذلك الرواية التي وردت عن أم سلمة هند بنت أميّة -رضي الله عنها- في صحيح البخاري ومسلم، حيث قالت: (جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا)، وتجدر الإشارة إلى لطيفة وردت بالحديث، وهي في قول أم سليم رضي الله عنها: "إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ"، حيث قصدت بذلك أن الله -عز وجل- لا يأمر بالحياء في مثل تلك الأمور للتعلّم والتفقّه في أمور الدين وأحكامه، لذلك قالت عائشة رضي الله عنها: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ)، فينبغي على الإنسان أن لا يستحي بالسؤال عن أمور دينه، فيسأل بأسلوب مؤدّب ويتعلم، إذ إن الحياء لا يأتي إلا بخير، بينما الخجل مذموم ويأتي بالشر، بحيث يمنع الإنسان من التفقّه في أمور الدين.


ويُستفاد من الحديث النبوي الشريف أن المرأة تحتلم، وأن هذا الأمر طبيعي، والعبرة في الاغتسال إذا رأت الماء، أي المني، أما في حال احتلمت ورأت أنها تنزل، لكن بعد أن استيقظت لم تجد ذلك، فليس عليها الغسل، وهذا بإجماع المسلمين، وقال الإمام النووي رحمه الله: "وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبيض لفضل قوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منها: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية: التلذذ بخروجه و فتور شهوتها عند خروجه"، وهناك العديد من الأذكار المهمة والتي لها الأثر العظيم في حياة المسلم، حيث إنها تحصّنه دائماً في كل أمر، وكذلك إذا كثُرت الأحلام المزعجة، أو الأحلام التي تكون من الشيطان، وهذه الأذكار نافعة في كل أمر، لذا ينبغي على المسلم أن يحافظ على ما يأتي:

  • أذكار الصباح والمساء.
  • أذكار اليوم والليلة، خاصة الأذكار الموجودة في كتيّب حصن مسلم، الذي ألّفه الدكتور سعيد بن علي القحطاني، ففيه مجموعة كبيرة من الأذكار التي ينبغي على المسلم أن يحافظ عليها.
  • قراءة المعوّذتين، حيث يجمع المسلم كفّيه وينفث فيهما من ريقه، ويقرأ سورة الإخلاص والفلق والناس ثلاث مرات، ثم يمسح بيديه ما استطاع من جسده.
  • المحافظة على قراءة آية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة.
  • المحافظة على أذكار النوم.

 

أحكام الاحتلام:

 

إن الأمور المتعلّقة بالاحتلام لا تخلو من أربعِ حالات، وفيما يأتي ذكرها وبيان ما يترتّب على كل حالة:

  • أن يحتلم الإنسان فيرى الماء: وفي هذه الحالة يجب عليه الاغتسال، بدليل حديث أم سلمة -رضي الله عنها- في الحديث الذي ورد سابقاً عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟"، فأجابها النبي عليه الصلاة والسلام: (إذَا رَأَتِ المَاءَ)، وهذا بإجماع المسلمين.
  • أن يحتلم الإنسان فلا يجد الماء: وهنا ليس عليه اغتسال باتفاق أئمة الفقه الأربعة الشافعية، والحنفية، والحنابلة، والمالكية، ففي حديث أم سلمة -رضي الله عنها- علّق النبي -صلى الله عليه وسلم- الاغتسال على رؤية الماء.
  • أن لا يتذكّر الإنسان أنه احتلم، لكنه يستيقظ ويجد الماء: ويجب عليه الغسل في هذه الحالة بإجماع المسلمين، واتفاق أئمة الفقه الأربعة، لأن الظاهر أن يكون هذا الماء ناتج عن احتلام، فالنائم قد لا يحسّ به.
  • أن يرى الإنسان الماء، لكن يشك في كونه يوجب الغسل أم لا: أي يحصل عنده شكّ أهو منيٌّ أم مذيّ، والمشهور عند أكثر أهل العلم أنه لا يجب عليه الاغتسال في تلك الحالة، لأن الغسل لا يثبت بالشك، واليقين والأصل أن الإنسان طاهرٌ، والغسل واجب بحال وجود الماء الذي يتحقّق فيه أنه مني، كما في حديث أم سلمة، وهو قول المالكية، والشافعية، والحنابلة، وبه أفتى ابن عثيمين، وابن باز، وغيرهم الكثير من العلماء.

إن الغسل له صفتان؛ غسلٌ مجزئٌ واجبٌ، وغسلٌ كامل يجمع بين الواجب والمستحب، فأما الغسل المجزئ فيكون بالنية بالطهارة من الحدث، ثم إفاضة الماء على البدن كلّه، حتى ولو كان استحماماً أو سباحة مع النية، فيجزئ ذلك ويرتفع الحدث طالما وُجِدت نية التطهّر مع عموم الماء لجميع البدن، أما الغسل الكامل فهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل، ويكون بالنيّة، ثم غسل موضع النجاسة، وغسل الكفّين، ثم الوضوء كوضوء الصلاة، ويجوز تأخير غسل الرجين إلى حين انتهاء الاغتسال، ثم حثو الماء على الرأس ثلاث مرات، ثم إفاضة الماء على البدن ابتداءً من الشق الأيمن، ثم الانتقال إلى الشق الأيسر بإفاضة الماء عليه، وهذا الغسل هو الأفضل والأكمل.

شارك المقالة:
229 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook