تعدّ الدولة العباسية الخلافة الإسلامية الثانية بعد سقوط الخلافة الاموية؛ فقد استطاع العباسيّون أن يستفردوا بالخلافة بعد إزاحة بني أميّة والقضاء عليهم، وقد ظلّ نجم الدولة العباسية ساطعًا مع استمرار خلفائها، حتى سقوطها على يد المغول، واسمها مشتق من اسم العبّاس نسبة لعمّ الرسول محمّد -صّلى الله عليه وسلم-، وهو أيضًا من السلالة الهاشميّة من قبيلة قريش في مكّة المُكرّمة، وقد قام على تأسيس الدولة العباسيّة رجال من سلالة العبّاس بن عبد المطلب، بالإضافة إلى اعتمادهم في تأسيسها على استبعادهم للمناصب العليا التي شغلها الأمويين وزعزعة كيان الدولة الأمويّة، وبعد نجاح ثورتهم، قاموا بنقل عاصمة الدولة من دمشق إلى الكوفة ثمّ الأنبار، وفيما بعد عملوا على تشييد مدينة بغداد لتكون عاصمة للدولة العباسيّة، وأكبر مدن العالم وأجملها وحاضرة لجميع الفنون والعلوم، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث عن الأدب في العصر العباسي.
ظهرت المؤلّفات الأدبية بكثرة في العصر العباسي، وقد توسّع العلماء في في تعريف الثقافة؛ لتصبح ممثّلة للمعرفة بأسرها، ومن هنا جاء تعريف المثقّف أو الأديب بأنّه الشخص الذي يعرف شيئًا من كلّ شيء، ومعظم المؤلفات الأدبيّة التي ظهرت في تلك الفترة لم يكن اقتصارها على نوع واحد من الادب، بل كان الأديب أو المثقف إلى جانب معرفته يعدّ لغويًّا ومُؤرّخًا وجامعًا لكلّ المعارف الأخرى، وقد تميّز الأدب في العصر العباسي بقيامه وانتشاره كنهضة أدبيّة علمية واسعة، وخاصّة في الشعرالعربي، إلى جانب تنافُس المدن التي انبثقت عن الدولة العباسيّة في رفع منارة العلم والأدب، حتّى أنّ أُمراء تلك المدن شجّعوا العلم والثقافة ولغة الضاد المشتركة بين تلك الأصقاع؛ فانتشر الشعر في ذلك العصر، وقاموا بإجزال العطايا المُجزية لقائليه، وفي ملخّص الكلام، يمكن الحكم بأنّه كان لتشجيع الأمراء والملوك العرب والأعاجم نتائج طيبة في ازدهار الأدب في العصر العباسي.
شَهِدَ التاريخ العربيّ عديدًا من الحضارات التي شكلت نقطة تحوّل هائلة فيه؛ ففي وقتٍ مُبكّرٍ من بداية الفترة العباسية انتشر الإسلام على نطاقٍ واسعٍ في جميع أنحاء المنطقة، وقد خرج الجيش العباسي غازيًا يقاتل الصينيين في معركة أطلق عليها اسم نهر طلاس، وعلى الرغم أنّ هذه المعركة كانت عبارة عن مناوشات لاتُذكر، إلّا أنّها حققت نتائج ذات أهميّة بالغة بسماحها للعالم العربي بتعلّم سر صناعة الورق من بعض الحرفيين الصينيين الذين قد وقعوا في الأسر.[٣] كما ويمكن اعتبار أن الفترة العباسيّة شكّلت العصر الذهبي للإسلام من خلال اهتمام الخلفاء في العصر العباسي برعاية العلماء والفنانين، بالإضافة إلى قيامهم بترجمة الآلاف من النصوص التي تدور حول المواضيع الطبيّة والفلكيّة في اليونان وروما إلى اللغة العربية، ممّا حفظها من الإهمال والضياع، كلّ هذه العوامل شكّلت ازدهار ونشاط للأدب في العصر العباسي
موقع موضوع