إرجاع الزوجة بعد الطلاق

الكاتب: مروى قويدر -
إرجاع الزوجة بعد الطلاق

إرجاع الزوجة بعد الطلاق.

 

 

الرجعة بعد الطلاق:

 

عرّف الفقهاء الرجعة على أنّها: إرجاع الرجل زوجته بعد طلاقها طلقة أولى أو ثانية طلاقاً غير بائن* خلال فترة العدّة* دون عقد ولا مهر جديدَين؛ للمحافظة على الزواج، قال الله -تعالى-:(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّـهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وقد شرَع الله -سبحانه وتعالى- للزوج الحقّ في إرجاع زوجته إلى عصمته خلال فترة العدّة برضاها أو بغير رضاها؛ وذلك لأحقّيته في ذلك؛ حيث ذُكِر في القرآن الكريم قوله -تعالى-:(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا).

 

كيفية الرجعة بعد الطلاق:

 

إذا طلّق الرجل امرأته طلاقاً غير بائن وكانت ما تزال في فترة العدّة، فله أن يُرجعها إلى عقد نكاحه، ومن السنّة الإشهاد* على الرجعة، وقال بعض الفقهاء بوجوب الإشهاد في ذلك، وتكون الرجعة بكيفيّتَين اثنتَين، هما:

  • الرجعة بالقول: وتكون بقول الرجل لامرأته: "أرجعتك"، أو "رددتُك إلى عصمتي"، أو "ارتجعتك"، وهذه أقوالٌ صريحةٌ في الرجعة تصحّ بلا نيّة، أمّا إذا كانت الأقوال تدلّ دلالة على الإرجاع، مثل: "أنتِ عندي كما كُنتِ"، فيلزمه الإتيان بالنيّة، وسؤاله عن مقصده، وقد اتّفق الفقهاء على صحّة الرجعة بالقول، أو ما يقوم مقامه إذا تعذّر القول، مثل: الإشارة المفهومة من الأخرس، أو الكتابة الواضحة.
  • الرجعة بالفعل: اختلفت أقوال الفقهاء في كيفيّة الرجعة بالفعل، على النحو الآتي:
    • الشافعية: لا تصحّ الرجعة بفعلٍ من جماع أو مُقدّماته*، ولا تصحّ إلّا بالقول فقط.
    • المالكية: تحصل الرجعة بالفعل من جماع ومُقدّماته، بشرط الإتيان بنيّة الإرجاع.
    • الحنابلة: تصحّ الرجعة بالجماع فقط، ولا تصحّ بما دونه من مُقدّمات الجماع.
    • الحنفية: ذهبوا إلى صحّة الرجعة بالفعل إن كان بجماع أو مُقدّماته.

 

شروط الرجعة بعد الطلاق:

 

يجوز للزوج إرجاع زوجته إن طلّقها ضمن شروط، سواءً كانت الطلقة الأولى أم الثانية، وذلك على النحو الآتي:

  • أن يكون الزوج ذا أهليّة؛ إذ يجب أن يكون عاقلاً بالغاً؛ فالرجعة لا تجوز لمُرتَدّ، أو سكران، أو مجنون، أو صبيّ؛ لأنّهم لا يملكون الإرادة الكاملة.
  • أن يتمّ الدخول الصحيح بالزوجة؛ إذ يجب أن تكون قد طُلِّقت بعد الدخول، أمّا إذا كان الطلاق قبل الدخول فلا توجد رجعة في هذا الطلاق؛ وذلك لعدم وجود عدّة للمرأة المُطلَّقة قبل الدخول؛ بدليل قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا).
  • أن يُشرَع في الرجعة بالفعل، أو القول بعد الطلاق الرجعيّ.
  • أن لا تكون الرجعة بعد الطلقة الثالثة؛ فالرجعة تكون بعد طلاق رجعيّ؛ أي طلقة أولى أو ثانية فقط؛ لأنّ الطلقة الثالثة تكون طلاقاً بائناً بينونة كُبرى، ولها أحكامها الخاصة.
  • أن تكون الرجعة خلال فترة العدّة في الطلقة الأولى والثانية، ولا تجوز بعد انتهاء عدّة الطلاق؛ وهي ثلاثة شهور.
  • أن لا يكون الطلاق مقابل عِوض؛ لأنّ الطلاق مقابل عوض مدفوع للزوج يكون طلاقاً بائناً، وليس طلاقاً رجعيّاً.
  • أن تكون صيغة الرجعة مباشرة، فلا يجوز أن تكون الرجعة مشروطة بفعلٍ ما، كأن يقول: "راجعتك إذا جاء فلان"، ولا أن تكون مُحدَّدة بزمنٍ، أو يومٍ، أو شهرٍ، كأن يقول: "راجعتك بعد أسبوع".

 

ما لا يُشترَط في الرجعة بعد الطلاق:

 

هنالك أمور لا تُشترط لصحّة الرجعة، وهي تصحّ دونها، ومنها:

  • عدم اشتراط قبول المرأة ورضاها للعودة إلى زوجها في الطلاق الرجعيّ دون البائن؛ لأنّ الرجعة من حقّ الزوج؛ بدليل قوله -تعالى-: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ).
  • عدم اشتراط إعلام المرأة بالرجعة؛ إلّا أنّه يُعَدّ أمراً مندوباً.
  • إشهاد الناس على الرجعة، وقد اختُلِف فيه على النحو الآتي:
    • ذهب جمهور العلماء إلى أنّ الإشهاد ليس شرطاً لصحّة الرجعة، إلّا أنّه مُستحَبّ؛ كي لا تنكر المرأة ذلك بعد انقضاء العدّة.
    • ذهب الظاهرية إلى أنّ الإشهاد شرط لصحّة الرجعة؛ مُستدِلّين بذلك من القرآن الكريم بقوله -تعالى-: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا)
شارك المقالة:
301 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook