أصحاب الكهف هم فتيةٌ من أشراف قومهم آمنوا برّبهم ووحدّوه، بعد أن كشف الله عز وجل الغفلة عن قلوبهم، في عهد الملك الرومي دقيانوس الذي كان يعبد الأصنام في زمن انتشرت به رسالة سيدنا عيسى عليه الصّلاة والسّلام، فقرّروا الفرار من قومهم خشيةً على دينهم الذي اعتنقوه وهو توحيد الله وحده، مُخلّفين وراءهم قومهم الذي عبد الأصنام والأوثان. قال تعالى: (إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا*فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَ
بعد أن قررّ الفتية الهروب بدينهم خوفاً من الحاكم، أووْا إلى كهفٍ واسع، أضحى برحمة الله جنّةً لهُم، وقد ألقى الله على آذانهم في هذا الكهف النومَ الذي أراح بهِ قلوبهم وأعطاهم بهِ السكينة والطمأنينة لمدة ثلاثمائة وتسع سنوات. اختلف الباحثون وعلماء الآثار في تحديد مكان الكهف الذي لجأ إليه الفتية، وحاولوا معرفة مكانهم ومكان كهفهم تحديداً، ووقع الاختيار على عدّة أماكن في المنطقة الخاضعة للحكم الرومانيّ استناداً إلى الدراسات التاريخيّة والأثريّة التي أجراها الباحثون.
أنزل الله عز وجل في كتابه المُبين سورة كاملة سُميّت بالكهف تقع في الجزئين الرابع والخامس عشر، تخليداً لهؤلاء الفتية الذين فرّوا بدينهم خوفاً من الحاكم، واختلف الباحثون في تحديد عدد الفتية، فقد قالَ بعضهم إنّهم ثلاثة فتية وكان معهم كلبٌ هو رابعهم، وقالَ آخرون بأنَّ عددهم خمسة وكلبهم هو السادس، وقال غيرهم بأنّهم سبعة فتية وكلبهم الثامن، وأيّاً كانَ عددهم فعلمهم عند الله، ولكن يتوجب علينا معرفة العبرة والموعظة التي وردت في هذه القصة، فلو تمعنّا في الأحداث نرى رحمة ولطف الله لهم كيف تولى حفظهم خلال ثلاثمائة وتسع سنوات بتسخير ملائكة تُقلّب أجسادهم يميناً وشمالاً حتى لا تبلى أجسادهم وتأكلها الدود، بقوله تعالى:(وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِما ألقى الرعب على قلب الحاكم وأعوانه فلم يجرأ أحد على الدخول إلى الكهف، فمن يَصدُق الله يُصدّقه الله ويأويه ويحميه.