أيام التشريق

الكاتب: مروى قويدر -
أيام التشريق

أيام التشريق.

 

 

عشر من ذي الحجة:

 

قال الله تعالى: (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً: (ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيَّامِ العَشْرِ)، فالمسلم يجب أن يحرص على الاجتهاد في الطاعات والعبادات في العشر من ذي الحجة، ومن أفضل الأعمال المشروعة فيها صيام التسع منها، ولا يجوز تخصيص أيام دون غيرها من العشر، فمثلاً لا يجوز تخصيص اليوم السابع والثامن والتاسع منها كما اشتهر لدى بعض العوام من الناس، إلا أنه يتأكد صيام يوم عرفة، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام في فضله: (يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ).

كما يُسنّ في العشر من ذي الحجة التكبير والتهليل والتحميد، مع استحباب إظهار ذلك في المساجد والطرقات والمنازل، وغيرها من المواضع التي يجوز فيها ذكر الله تعالى، وورد في كتاب المغني بما يخصّ التكبير: (التكبير في الأضحى مطلق ومقيد، فالمقيد عقب الصلوات، والمطلق في كل حال في الأسواق، وفي كل زمان)، ولأن التكبير أصبح من السنن المهجورة فإنّه يجب على المسلمين إحياؤها، ومن الأعمال المشروعة أيضاً في العشر أداء الحج والعمرة، وسائر العبادات والطاعات التي تقرّب العبد من ربه؛ منها: الصلاة، والذكر، وقراءة القرآن، والدعاء، والصدقة، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه، وترك المعاصي والذنوب والآثام، وردّ الحقوق إلى أصحابها.

 

أيام التشريق:

 

تُعرف أيام التشريق بأنّها الأيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، ولا يعدّ يوم النحر من أيام التشريق التي أمر الله تعالى بذكره فيها، حيث قال: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)، وورد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق، إلّا أن العلماء اختلفوا في سبب تسميتها بأيام التشريق، فذهب فريق منهم إلى القول بأنها سميت بذلك لأن الناس كانوا يشرّقون فيها لحوم الأضاحي؛ أي أنهم يقدّدونها ويعرّضونها للشمس، وقال فريق آخر من العلماء أنّها سميت بذلك لأن صلاة العيد تؤدّى بعد شروق الشمس، فأُطلق على جميع الأيام أيام تشريق تبعاً لليوم الأول، وذلك ما يُعرف لغةً بتسمية الكلّ باسم البعض.

من الأحكام المتعلقة بأيام التشريق عدم جواز صيامها، ودليل ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (أيامُ التشريقِ أيامُ أكْلٍ ، وشُرْبٍ ، وذِكْرِ اللهِ)، فلا يجوز صيام أيام التشريق بمنى، ولا بغيرها من المواضع، وكذلك لا يجوز صيامها إن صادفت يوم اثنين أو يوم خميس، أو الأيام البيض، كما قال الرسول أيضاً: (يومُ عرَفةَ ويومُ النَّحرِ وأيَّامُ التَّشريقِ هنَّ عيدُنا أهلَ الإسلامِ هنَّ أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ)، ومن الأدعية المستحبة في أيام التشريق: (ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسنةً وفي الآخرةِ حَسنةً وقِنا عذابَ النَّارِ)، وقال الحافظ ابن رجب في ذلك: (استحب كثير من السلف كثرة اللهج بهذا الدعاء في أيام التشريق).

ومن المواضع التي يمكن ذكر الله فيها: ذكره أدبار الصلوات من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق، وذلك لغير الحاج، وقال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية: (أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة، ومن صور التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا اله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد)، كما روي أنّ عبد الله بن عباس كان يقول: (الله أكبر كبيراً ، الله أكبر كبيراً ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد).

 

أعمال الحاج في أيام التشريق:

 

يشرع للحاج الإقامة في منى يوم الحج وأيام التشريق بإجماع العلماء، وذلك واجب عند الإمام أحمد لغير السقاة والرعاة ومن في حكمهم، وأورد البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (أن العباسَ رضي الله عنه استأذنَ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟يَبيتَ بمكَّةَ لَياليَ مِنًى، من أجل سِقايتِهِ، فأذنَ له)، فترخيص النبي للعباس كما في الحديث السابق يدلّ على أنّ المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة واجب، ويترتب على تركه الإثم والفدية على غير أصحاب الأعذار، كما يرمي الحجاج الجمرات الثلاث في الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، ويسمّى اليوم الحادي عشر بيوم القرّ؛ لأن الناس يستقرّون فيه بمنى.

ويكون رمي الجمرات من بعد الزوال إلى غروب الشمس، وتُرمى كل جمرة بسبع حصيات، مع التكبير عند رمي كل حصاة، كما يجب الرمي بالترتيب، حيث يبدأ الحاج برمي الجمرة الصغرى، ثمّ يرمي الجمرة الوسطى بعد الوقوف والدعاء، ثمّ يرمي جمرة العقبة وينصرف عن الجمرات، ويجوز للحاج التعجّل بعد الزوال وبعد أن يرمي جمرات اليوم الثاني عشر، ويشترط في المتعجّل الخروج من منى قبل غروب الشمس، ويطلق عليه النفر الأول، إلا أنّه يُفضل للحاج رمي جمرات اليوم الثالث عشر بعد الزوال، والذي يسمّى بالنفر الثاني، حيث قال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، ومن الجدير بالذكر أنّه لا يجوز التعجّل في اليوم الحادي عشر، فرسول الله عليه الصلاة والسلام أقام في منى حتى بعد زوال يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وقبل صلاة الظهر، وفي ذلك إقامةٌ لمناسك الحج بتقوى الله تعالى، وتتحقق التقوى باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقوى لا تُلحق الإثم بالعبد، سواءً تعجّل أم تأخّر، وفي المقابل فإنّ عدم التقوى يسبب الإثم للعبد.

شارك المقالة:
258 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook