وقفة مع حديث وفاة أبي طالب

الكاتب: المدير -
وقفة مع حديث وفاة أبي طالب
"آيات منيرة في أحداث السيرة (5)   بعد غزوة بدر الأولى، بَعث رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عبدَ اللهِ بنَ جحش، في آخر جمادى الآخرة (قبل غزوة بدر الكُبرَى بشهرين) ومعه ثمانية رهط مِن المهاجرين ليس فيهم مِن الأنصار أحد، وكتب له كتابًا وأمره أن لا ينظر فيه، حتى يسِير يومين ثم ينظر فيه، فيمضى لما أمره به، ولا يَسْتكْره أحدًا مِن أصحابه.   وكان أصحابه، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وعكاشة بن محصن الأسدي، وعتبة بن غزوان، وسعد بن أبى وقاص، وعامر بن ربيعة، وواقد بن عبد الله - أحدُ بَني تميم وكان حليفًا لهم - وخالد بن البكير، وسهيل بن بيضاء.   فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فسِرْ على بركة الله بمَن تبِعك مِن أصحابك حتى تنزل بطْن نخْلة فترصد بها عِيرَ قريش لعلك أن تأتينا منه بخبر.   فلما نظر عبد الله الكتاب قال‏:‏ سمعًا وطاعة، وقال لأصحابه ذلك، وقال: إنه قد نهاني أن أستَكْرِه واحدًا منكم، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع، وقد أضل سعدُ بن أبي وقاص وعتبةُ بن غزوان بعيرًا لهما، كانا يَعْتَقِبانِهِ فاستأذنَا أن يتخلَّفا في طلبِ بَعيرهما فأذن لهما، فتخلَّفا في طلبه، ومضى عبد الله ببقية أصحابه، حتى وصل بطن نخلة بين مكة والطائف، فبينا هم كذلك إذ مرَّت بهم عِيرٌ لِقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارة من تجارة الطائف، فيهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، ونوفل بن عبد الله المخزوميان، فلما رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هابوهم.   فقال عبد الله بن جحش‏:‏ إن القوم قد ذعروا منكم فاحلقوا رأسَ رجُل منكم فليتعرَّض لهم، فإذا رأوه محلوقًا أمِنوا وقالوا قوم عُمَّار، فحلقوا رأس عكاشة، ثم أشرف عليهم فقالوا‏:‏ قوم عمَّار! لا بأس عليكم، فأمنوهم، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وكانوا يرون أنه مِن جمادى أو هو رجب، فتشاور القوم فيهم وقالوا‏:‏ لئن تركتموهم هذه الليلة، لَيَدْخُلُنَّ الحرَم فليمتنعُنَّ منكم به، ولئن قتلتموهم لنقتلنَّهم في الشهر الحرام، فتردَّد القوم وهابوا الإقدام عليهم...   ثم شجَّعوا أنفسَهم عليهم، وأجمعوا قتل مَن قدروا عليه منهم، وأخذ ما معه، فرمَى واقدُ بنُ عبد الله التميمي عمرَو بنَ الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وأفلتَ القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعِير والأسيرين، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.   وقد ذكر بعضُ آلِ عبدِ الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إنَّ لِرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا الخُمس، وذلك قبل أن يَفرض اللهُ الخُمس مِن المغانم، فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خُمس العير، وقسم سائرها بين أصحابه.   قال ابن إسحاق: فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أمرتُكم بقتالٍ في الشهر الحرام.. فوقف الِعيرَ والأسيرين، وأبى أن يأخذ مِن ذلك شيئًا، فلما قال ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سُقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنَّفهم إخوانُهم مِن المسلمين فيما صنعوا. وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقف غنائم أهل نخلة، حتى رجع مِن بدر فقسمها مع غنائم أهل بدر، وأعطى كلَّ قوم حقَّهم. وقالت قريش: استحلَّ محمدٌ وأصحابُه الشهرَ الحرام، وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال.   فقال مَن يرد عليهم مِن المسلمين ممَّن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان. وقال يهود تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله: عمرو، عمرتِ الحربُ، والحضرمي حَضَرَتِ الحربُ، وواقد بن عبد الله، وقدتِ الحربُ). فجعل اللهُ تعالى ذلك عليهم لا لهم.   فلما أكثَرَ الناسُ في ذلك أنزل الله تعالى في ذلك آيات يُبيِّن فيها أن ما نقِمَه الكفَّار على المسلمين مِن قتال في الشهر الحرام، وإن كان مَفسدة، فما هم عليه مِن الصد عن سبيل الله، والكفر به وبسبيل هداه وبالمسجد الحرام وصدهم عنه، وإخراج أهله منه أكبرُ عند الله، وفتْنتهم المؤمنين بشديد الأذى محاولين إرجاعَهم إلى الشرك أكبرُ من القتال في الشهر الحرام.   فلما نزل القرآن بهذا الأمر، فرَّج اللهُ تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه مِن الإشفاق، فحمدوا الله واستبشروا خيرًا، وقَبض رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العِيرَ والأسيرين، اللذيْن كانا أول أسيرين في الإسلام...   فما تلك الآيات؟ وفي أي جزء من القرآن وردت؟ أدَع الجوابَ للقرَّاء رغبة في تفعيل مشاركتهم في هذا المقال. "
شارك المقالة:
167 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook