من هو صقر قريش

الكاتب: بتول فواز -
من هو صقر قريش

من هو صقر قريش.

عبد الرحمن بن معاوية

هو صقر قريش في بيت الخلافة الأمويّة كانت نشأة عبد الرحمن بن معاوية، وهو أحد أحفاد هشام بن عبد الملك، وقد لُقِّب بصقر قريش من قِبَل الخليفة العباسيّ أبي جعفر المنصور، وقد كان عبد الرّحمن الدّاخل يولي الجهاد اهتماماً كبيراً؛ فجعلَه وَقْفاً في حياته، كما كان مُهتَمّاً بتثبيت بُنيان الدولة الإسلاميّة في الأندلس، ولعلّ الأيّام التي أمضاها، وعاشها عبد الرحمن الداخل بعيداً عن الصِّراعات، والفِتَن، قليلةٌ جدّاً؛ فقد كانت حياته مليئةً بالجهاد، وتحصين الثغور، وتوجيه القوّات، وكذلك القضاء على الفِتَن، وقد كان مَسلمة بن عبد الملك يرى أنَّ عبد الرحمن الداخل قادرٌ على الولاية، والحُكم؛ لما يمتلكُه من صفاتٍ تُؤهِّله للولاية، كما أنّ شخصيّة الداخل جعلَت كلَّ من يتعاملُ معه، يتحدّث عن أخلاقه، وعِلمه، وإنسانيّته، فلم يُذكَر الداخل أبداً بصفات ذميمة، أو سيِّئة، وفي ما يأتي أهمّ صفات عبد الرحمن الداخل:

كان عبد الرحمن الداخل شاعراً جيّداً، وفصيحاً بليغاً. اتّصفَ عبد الرحمن الداخل بالعدل، والعِلم، بالإضافة إلى حسن التوقُّع. تميّز عبد الرحمن الداخل بحَزمه، ورجاحة عقله، وشجاعته

 تأسيس عبد الرحمن بن معاوية للدولة الأمويّة في الأندلس

مع نهاية عهد الوُلاة، ووصول الأندلس إلى حالة سيِّئة من الدمار، والفوضى، ظهرَ صَقرٌ إسلاميٌّ؛ ليعيدَ الإسلام إلى مكانته في الأندلس، وهذا الصَّقر هو عبد الرحمن الداخل، الذي سعى بعد فِراره من بَطشِ العباسيّين إلى تأسيس دولة إسلاميّة في الأندلس، إلّا أنَّ تأسيس الدولة لم يخلُ من المصاعب؛ حيث واجهَته ثوراتٌ عديدة قُدِّرت بخمس وعشرين ثورةً، استطاع أن يتغلّب عليها جميعها، وقد كان لعبد الرحمن الداخل سياسته الخاصّة؛ من أجل تأسيس دولته، وهذه السياسة تتمثَّل في ما يأتي:

استطاع عبد الرحمن الداخل أن ينفصلَ بدولته في الأندلس، عن المَشرق الإسلاميّ، وكان يُلقَّب بالإمام، أو الأمير، وكذلك ببني الخلائف. عمل عبد الرحمن الداخل بكامل جُهده للسيطرة على أمور الدولة الداخليّة؛ وليحفظَ الأمن فيها، قام بإنشاء جهاز خاصٍّ بالأمن، وهو جهاز الشرطة. وَزَّع عبد الرحمن الداخل العيونَ في الدولة وخارجها، وأحاطَ نفسَه بمجموعة من الفرسان البارزين؛ حتى تكون الدولة مُتأهِّبة لأيّ خطرٍ خارجيّ. ولبناء دولة قويّة، كان لا بُدَّ من الاهتمام بالعِلم، والدِّين بشكلٍ كبير؛ حيث رَفع عبد الرحمن الداخل مكانة العلماء، ووقَّرهم، واهتمَّ بنَشرِ العِلم بين الناس، بالإضافة إلى بناء المساجد، والتي من أهمّها مسجد قرطبة الكبير، ولم يَغفل عن الجانب الحضاريّ للدولة الإسلاميّة؛ فاهتمَّ ببناء الحدائق، وقد كانت الرصافة أكبر الحدائق في العهد الإسلاميّ؛ إذ زُرِعت فيها نباتات مُختلِفة، وعجيبة، كان قد أحضرَها من مُختلَف أنحاء العالَم، كما أنشأَ الحصون، والقناطر، والقِلاع، وأنشأ كذلك داراً لسكِّ النقود، وهي تُعتبَر الأولى من نوعها في الأندلس، واستطاع أن يَصِلَ بدولته إلى الاستقرار، والازدهار، ومن أهمّ ملامح الدولة الإسلاميّة في الأندلس، في عهد عبد الرحمن الداخل، ما يأتي:

مُحاوَلة بعض القبائل الثورة على حُكْم عبد الرحمن الداخل، سواء أكانت هذه القبائل مضريّة، أم يمانيّة، إلّا أنّ عبد الرحمن الداخل استطاع القضاء على تلك الثورات. مُحاوَلات العباسيّين السيطرة على حُكْم الأمويّين في الأندلس، إلّا أنَّ هذه المُحاولات لم تكن ناجحة. استقرار الدولة وازدهارها؛ حيث أصبحت دولة قوية ثابتة، وقد وَرَّثَ عبد الرحمن الداخل هذا الاستقرار والثبات إلى أبنائه.

تأسيس عبد الرحمن بن معاوية للجيش الإسلاميّ في الأندلس

بعد أن تمكّن عبد الرحمن الداخل من إخماد الثورات الداخليّة في الأندلس، كان عليه أن يُؤسِّس جيشاً جديداً قويّاً؛ إذ اعتمدَ في تكوينه على عدّة أمور، من أهمّها أنّه:

اعتمدَ في تأسيس الجيش على المُولِّدين، وهم يمثّلون الغالبيّة من سكّان الأندلس؛ حيث نشأوا نتيجة اختلاط، وانخِراط الفاتحين بالسكّان الأصليّين للأندلس. اعتمدَ بشكل كبير على البربر، كما أدخلَ إلى الجيش العبيدَ السودانيّين؛ لتحسين، وتقوية الجيش؛ فهم مقاتلون أقوياء، وقد ضَمّ في جيشه جميع الفصائل المضريّة من بني أميّة، وغيرها، بالإضافة إلى اليمنيّين، و جميع الفصائل الموجودة في الأندلس. اهتمَّ عبد الرحمن الداخل بالصقالِبة، وهم من الأطفال النصارى الذين اشتراهم عبد الرحمن الداخل، وأشرف على نشأتهم، وتربيتهم تربية عسكريّة، وإسلاميّة صحيحة. أنشأ عبد الرحمن الداخل أسطولاً بحريّاً، بالإضافة إلى إنشائه العديد من الموانئ، كميناء برشلونة، واشبيليّة، وكذلك ميناء طرطوشة. اهتمَّ عبد الرحمن الداخل بصناعة الأسلحة؛ فأنشأ دُوراً للأسلحة، ومصانعاً للسيوف، والمنجنيق، ويُعَدُّ مصنع برديل، ومصنع طليطلة من أشهر هذه المصانع. قسَّمَ الداخل ميزانيّة الدولة إلى ثلاثة أقسام: جزء يذهب إلى الجيش، وجزء يذهب إلى الدولة؛ لإنشاء المشاريع، وتأمين المُؤَن، والمُرتَّبات، وجزء يُدَّخَر للأمور غير المُتوقَّعة. الفِكر العسكريّ لعبد الرحمن بن معاوية

كان لعبد الرحمن الداخل فكرٌ عسكريٌّ دقيقٌ، وعجيبٌ، نتجَ عن ذكائه، وحِنكَته العسكريّة، ومن أهمّ ملامحه ما يأتي:

الحِرص على المُباغتة: كان عبد الرحمن الداخل يحرصُ على مبدأ المُباغتة، وعدم إعطاء خصومه فرصة للقتال، وقد ظَهرَ هذا المبدأ في معركة المصارة؛ حيث كان عبد الرحمن الداخل يستعدُّ للحرب، في حين أنّ خَصمَه كان يحاول تأجيل القتال، وخداعه، وكما كان عبد الرحمن الداخل حريصاً على المُباغتة،فقد كان حريصاً على أن يضعَ خصومه في مواقف تَفرضُ عليهم زمناً مُعيَّناً للقتال، بالإضافة إلى تقييد حريّتهم في العمل، والقتال. الحِفاظ على الهدف، والاقتصاد في القوى: كان عبد الرحمن الداخل يُوازن في تعامله بين أهداف الحرب المُتتالِية، وبين الوسائط والقوى الضروريّة، بالإضافة إلى أنّه كان يعطي الأهداف الأكثر خطورةً، وأهميّة، الأولويّة في الوصول إليها وتحقيقها.

وفاة عبد الرحمن بن معاوية

تُوفِّي عبد الرحمن الداخل في جُمادى الأولى عام 172 للهجرة، في مدينة قرطبة، ودُفِن فيها، وقد كان يبلغُ من العمر تسعةً وخمسين عاماً، قضى منها في دمشق، والعراق، تسعة عشرة عاماً، وقضى في تخطيطه لدخول الأندلس، وفِراره من العباسيّين ستَّ سنوات، وقضى آخر سنوات حياته الأربع والثلاثين في حُكْم الأندلس.

 

شارك المقالة:
234 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook