التابعون هم المسلمون الذي عاشوا بعد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والتقوا أحد صحابته، ومن التابعين أيضًا من عاش في عهد رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولكنه لم يرَ رسول الله في حياته، ويُعرِّف العلماء مصطلح التابعي على أنَّه لفظ يُطلق على كلِّ مسلم لم يلتقِ برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنَّما التقى بصحابته الكرام، ومن العلماء من يقول: التابعي هو من روى عن الصحابة فقط شرطَ أن يموت وهو مسلم، وقد اشتهر عدد من التابعين العظماء الذين كان لهم فضل كبير في العلم والدين والدولة الإسلامية بشكل عام، وأشهرهم أويس القرني ورجاء بن حيوة وسعيد بن جبير، وهذا المقال سيجيب عن سؤال: من هو سعيد بن جبير؟ بالتفصيل.
هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، ليس من بني أسد بل كان مولى بني أسد حيث يرجع أصل سعيد إلى الحبشة، وهو أحد الرجال التابعين، لم تذكر الروايات مولد سعيد بشكل صريح، بل عُرف تاريخ مقتله وهو سنة 95 للهجرة في شهر شعبان، وقد جاء أنَّه قال لابنه: "ما بقاء أبيك بعد سبعة وخمسين" أي أنَّه عاش سبعة وخمسين عامًا وهذا يعني أنَّه وُلد سنة 38 للهجرة، والمؤكد أنَّه ولد في فترة خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقيلَ أيضًا إنَّ سعيد توفِّي وله من العمر 49 عامًا أي أنَّ مولده يكون سنة 46 للهجرة، كان سعيد بن جبير عالمًا من علماء المسلمين وفقيهًا من فقهائهم، يملك قلبًا نابضًا بالإيمان، ولم يكن يخشى في الله لومة لائم، لا يخفي كلمة الحق بل يقولها مهما كانت العواقب.
كان سعيد -رضي الله عنه- من خيرة التابعين وأكثرهم علمًا، فقد عكف على العلم منذ بدايات حياته وتتلمذ على يد كبار صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مثل: أبي سعيد الخدري، أبو موسى الأشعري، عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم-، ولكنَّ الفضل الأعظم في علم سعيد يرجع إلى حبر الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنه الذي لازمه سعيد مدة طويلة وأخذ عنه كثيرًا من العلم، وقد أخذ سعيد من عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قراءات القرآن الكريم الثابتة عن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- فقرأ بها وعلَّمها للناس، وقد تعلَّم التأويل والتفسير فكان عالمًا من خيرة علماء الأرض حتَّى قال عنه الناس عند موته: "مات سعيد بن جبير، وما على ظهر الأرض أحد من أهل زمانه إلا وهو محتاج إلى علمه"، وتعتبر أقوال سعيد عند العلماء اليوم صحيحة لأنّه أخذ عن عبد الله بن عباس مباشرة، فكان ثقة بين العلماء لفقهه وورعه وتعبُّده، وهي الصفات التي يجب أن يتحلى بها العلماء الثقة، والله أعلم