مقومات المجتمع الإسلامي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
الكاتب:
المدير
-
"شخصيات وأحداث شارك بالجواب (1) كان هذا (الصحابي) رجلاً من أصبهان، وكان والده المجوسي يحبُّه حبًّا شديدًا، فأرسله يومًا إلى ضيعةٍ من ضياعه يُباشرُها له، فمرَّ على رَهْطٍ من النصارى، فأعجبه حالُهم، ومكَث عندهم حتى وقت الغروب، فلمَّا علم والدُه من خبره ما كان، حبَسَه في البيت وشد وَثاقَه، فبقيت نَفْسُ الولد معلَّقة بما رأى من أحوال النصارى وصلاتهم، يقول (الصحابي): فقلت - أي: للنصارى -: إذا قدم عليكم ركبٌ من الشام، فأخبِروني بهم، فقدم عليهم تجَّار من النصارى، فأخبَرُوني، فقلت لهم: إذا قضَوْا حوائجهم وأرادوا الرجعة، فأعلِمُوني، قال: فلمَّا أرادوا الرجعة، أخبروني، فألقيت الحديد من رجلي، ثم قدمت معهم حتى قدِمتُ الشام، فسألت عن أعلم أهلها، فدَلُّوني على رجلٍ كان شرَّ رجل. فلمَّا مات هذا الرجلُ مكث عند مَن خلفه، وكان خير رجل، فلمَّا مات انتقل إلى غيره ممَّن أوصاه باللحاق به. وهكذا تنقَّل - رضِي الله عنه - من رجلٍ إلى رجلٍ؛ يَبغِي ملازمةَ أهلِ العلم، والتعلمَ من علمهم، والتأدُّبَ بأدبهم، فكأنَّ الحرصَ على الخير كان فِطرةً فطَرَه اللهُ عليها، فلمَّا كان موت آخِر رجلٍ منهم، سأَلَه: إلى مَن تُوصِي بي وبِمَ تأمرني؟ قال: أيْ بُني، والله ما أعلمه أصبح على مثل ما كُنَّا عليه أحدٌ من الناس آمُرُك أن تأتيه، ولكنَّه قد أطلَّ زمانُ نبيٍّ مَبعُوث بدِين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مُهاجَرُه إلى أرضٍ بين حرَّتَيْن بينهما نخلٌ به عَلامات لا تَخفَى، يأكُل الهدية ولا يأكُل الصدقة، بين كتفَيْه خاتم النبوَّة، فإن استَطعتَ أن تلحَق بتلك البلاد، فافعل، ثم مات وغيب... فمَكَث بعمورية ما شاء الله أن يمكث، ثم مرَّ به نفرٌ من كلب تُجار، فسأَلَهم أن يَحمِلوه إلى أرضِ العرب على أن يُعطِيهم بقرته وغنمته. كان - رضِي الله عنه - يحرِص على رؤية ذلك النبي، ويرجو أن يلقاه، ويستعدُّ للقائه بما أخبره صاحبُه الأخير من علامات، فإنْ صدقتْ عليه فذاك هو ولا سواه. ثم إنَّ مَن حملوه معهم كانوا من أظلم الناس وأطغاهم، فباعوه رجلاً من اليهود، وقد رأى ببلاده نخلاً، ورجَا أن تكون تلك العلامة. يقول - رضِي الله عنه -: فبينا أنا عندَه، إذ قَدِمَ عليه ابنُ عمٍّ له من بني قُرَيظَةَ من المدينة، فابتاعَنِي منه فحمَلَنِي إلى المدينة، فوالله ما هو إلاَّ أن رأيتُها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمتُ بها وبُعِث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقام بمكة ما أقام، لا أسمَع له بذكرٍ مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجَر إلى المدينة. هكذا ظلَّ - رضِي الله عنه - يترقَّب وقلبه مشغول بغير ما انشَغَل به جسده، ظلَّ يُمارِس عملَه كعبدٍ رقيق، وهو الحرُّ الكريم، ولكنَّه ظُلْم النفوس التي تأبَى إلا القسوة والطغيان. وفي يوم كان يعمل في أعلى نخلَة، وكان سيِّده (وهو سيِّده) يجلِس تحت النخلة، إذ أقبل عليه رجلٌ من أصحابه أو أبناء عمومته، فقال له: يا فلان، قاتَل الله بني قيلة، والله إنهم الآن مُجتَمِعون بقباء على رجلٍ قدم عليهم من مكة اليوم يَزعُمون أنه نبي. فلمَّا سمع - رضِي الله عنه - ذلك أخذَتْه رِعدَةٌ شديدة، قد جاء ما كان ينشده، قد أقبَل ما كان يَرجُوه ويصبر على شدَّة الرقِّ لأجله، فهبَط من على النخْلة على عجالة شديدة، وهو يَسأل ابن عمِّ سيِّده: ما تقول؟! فلَطَمَه سيِّدُه لطْمَةً شديدة ونهَرَه قائلاً: وما شأنك أنت وذلك؟! اذهب إلى عملك، ولا تنشغل بغيره. فمَضَى - رضِي الله عنه - وقلبه معلَّق بالنبي المُرتَجَى، فاغتَنَمَ من الوقت ما أَعانَه على لِقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأَتاه فدخَل عليه وهو بقباء، وقال له: قد بلغَنِي أنَّك رجل صالح، ومعك أصحابٌ لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيءٌ كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم، فقرَّبته إليه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: ((كلوا))، وأمسَك يده فلم يأكُل، فقلت في نفسي: هذه واحدة. ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا، وتحوَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، ثم جئتُه فقلت: إني رأيتُك لا تأكل الصدقة، وهذه هديَّة أكرمتُك بها، فأكَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمَر أصحابَه فأكَلُوا معَه، فقلت في نفسي: هاتان اثنتان. وهكذا، لم تبقَ له إلا واحدة، فلمَّا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجلٍ من أصحابه، خرَج إليه ذلك (الصحابي) وانتَظَر حين جلَس، فأَتاه فسلَّم عليه وجعل يستَدبِره؛ يرجو أن يرى العلامة الثالثة، فلمَّا علم -صلى الله عليه وسلم- أنَّه يتوثَّق من شيءٍ، ألقَى الرِّداء عن ظهره، فظهَر خاتم النبوَّة، يقول: فألقى الرِّداء عن ظهره فنظَرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببتُ عليه أقبِّله وأبكِي، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((تحوَّل))، فتحوَّلت، فجلست بين يدَيْه، فقصَصْت عليه حديثي. كانت هذه قصَّة إسلامه - رضِي الله عنه. ثم انشَغَل بعد ذلك بما ينشَغِل به الرَّقِيق، حتى فاتَتْه بعضُ الغَزَوات الأُوَل؛ كبدرٍ وأُحُد، ثم إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلَب منه أن يُكاتِب سيِّدَه فكاتَبَه، وأعانَه الصحابة بالمال والنخل، حتى تحرَّر من ذلك القيد، وشَهِدَ مع المؤمنين غزوةَ الخندق وجميعَ الغزوات. وكان ممَّا أبدَع فيه - رضِي الله عنه - في غزوة الخندق، عندما شاوَر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه في أمرِ عدوِّهم وتجمُّع الأحزاب عليهم، فاقتَرح عليه هذا (الصحابي) حفر الخندق، وكانت فكرة جديدة على العرب، فأعجبت الرسولَ -صلى الله عليه وسلم- واستَحسَنَها الصحابة. لَمَحات من مَناقِبه - رضي الله عنه -: - عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: كُنَّا جلوسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأُنزِلت عليه سورةُ الجمعة: ? وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ{ ? [الجمعة: 3]، قال: قلت: مَن هم يا رسول الله؟ فلم يُراجِعْه حتى سأل ثلاثًا، وفينا فلان (وسمَّى ذلك الصحابي) وضَع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على (...) ثم قال: ((لو كان الإيمان عند الثريا، لنالَه رِجال، أو رجلٌ من هؤلاء))؛ رواه البخاري. • كان عالمًا بالسنَّة، فقيهًا، حكيمًا، حاصَر يومًا مع أصحابه - وكان أميرهم - قصرًا من قصور فارس، فقالوا له: ألا تنهد إليهم؟ قال: لا، حتى أدعوهم كما كان يدعوهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم: أنا منكم والعرب يُطِيعونني، فاختاروا إحدى ثلاثٍ: إمَّا أن تُسلِموا، وإمَّا أن تُعطُوا الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون، وإمَّا أن نُنابِذكم فنُقاتِلكم، فاختاروا القِتال، فرجَع إلى أصحابِه فأشاروا بقِتالهم؛ لكنه أبى إلا أن يُمهِلهم ثلاثة أيام، فلمَّا انقَضَت المدَّة قاتَلَهُم، ففَتَح الله على يدَيْه البِلاد؛ مسند أحمد بتصرُّف. • كان معاذ - رضِي الله عنه - ممَّن أُصِيبوا بالطاعون، وعند موته أتاه الحارث بن عمير الزبيدي، قال: فأُغشِي على معاذ غشية، ثم أفاق معاذ والحارث يبكي، فقال معاذ: ما يبكيك، قال: أبكي على العِلْم الذي يُدفَن معك، فقال: فإن كنت طالبًا للعلم لا مَحالة فاطلبه من عبدالله بن مسعود، ومن عويمر أبي الدرداء، ومن (... وسمى هذا الصحابي)؛ بتصرُّف من مصنف ابن أبي شيبة. • كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد آخَى بين المهاجرين والأنصار، وكان هذا الصحابي أخًا لأبي الدرداء - رضِي الله عنهما - فزارَه يومًا فوجَدَه زاهِدًا في دنياه، مُقبِلاً على آخرته، يُكثِر الصِّيام، ويُطِيل القِيام، ويَزهَد في أهله، فقال له: إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذَكَر ذلك له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((صدَق سلمان ...))؛ رواه البخاري. فما اسم ذلك الصحابي الذي تحدَّثنا عنه؟ نترك الجواب للقراء الأعزاء لمزيد من التفاعل. "
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.