كان تعداد المسلمين فيها ثلاثة آلاف مقاتل بمعدّاتهم، وأسلحتهم، ومن الجدير بالذكر أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يحضر الغزوة بنفسه، بل استخلف على الجيش ثلاثة أمراء، سمّاهم على الترتيب، وهم: زيد بن حارثة، فإن قُتل، فجعفر بن أبي طالب ابن عم النبيّ -عليه السلام-، فإن قُتل، فعبد الله بن رواحة.
كان السبب المباشر لأحداث غزوة مؤتة يكمنُ في إرسال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الوفود، والرسل إلى الأراضي المجاورة بعد صلح الحديبية؛ حتى يدعوهم إلى الإسلام، ويعرّفهم به، وكان من ضمن الرُّسل المرسلة إلى الأقوام والقبائل الصحابي الجليل الحارث بن عمير الأزدي -رضي الله عنه-، والذي أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أمير بُصرى، وحينما وصل الحارث إلى أرض البلقاء في الشام، أسره شرحبيل بن عمرو الغسّاني، وهو مستخلف من القيصر في تلك البقاع، فاعتقله، وشدّ وثاقه حتى قتله على الرغم من أنّ قتل الرسول يُعَدُّ من الجرائم العظيمة التي تُسَبِّبُ إعلان الحرب، فلمّا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبر قتل الحارث، غضب غضباً شديداً، وأمر بتجهيز جيش؛ لقتال الروم، والأخذ بثأر الحارث -رضي الله عنه-[١]
عندما سيَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- جيش مؤتة، أمرهم أن ينزلوا في الأرض التي استُشهِد فيها الحارث بن عمير الأزدي -رضي الله عنه-، وأن يعرضوا على أهل ذلك المكان الإسلام، فإن أسلموا، فقد حقنوا دماءهم، وأموالهم، وإلّا فقد أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتالهم، وعندما وصل جيش زيد بن حارثة -رضي الله عنه- إلى حيث معان في الأردن، وصلتهم الأخبار بأنّ هرقل قد جمع جيشاً من الروم تعداده مئة ألف مقاتل، وانضمّ إليه ما يقارب مئة ألف آخرين من المشركين في الجوار، فأصبح جيشاً تعداده مئتي ألف مقاتل ينتظر جيش المسلمين الذين وصل تعدادهم إلى ثلاثة آلاف مقاتل فقط؛ ولذلك فقد أقام المسلمون في مكانهم يومين يتشاورون فيما يجب عليهم فعله، حيث رأوا أنّه ما من تكافُؤٍ أبداً في التعداد، والمعدّات، والتجهيزات بين الجيشين، ممّا جعلهم يتريَّثون قليلاً قبل اتِّخاذ الرأي الحاسم
غزوة مُؤتة