شرع الله سبحانه وتعالى العبادات للنّاس ليتقربوا بها إليه، وليشكروه على ما أنعم به عليهم من نِعم باطنةٍ وظاهرة، فإذا حصلت للعبد نعمةٌ مُفاجئةٌ أو كانت غير متوقعة أو غير مُنتظرة، أو نجاه من كارثةٍ حتمية فقد شُرِع له أن يشكر الله على تلك النّعمة بعبادات عاجلةٍ أو آجلة، ومن العبادات المخصوصة لشكر تلك النّعم أن يسجد المرء لله عزَّ وجل، فيتوجه إليه ويشكره على ما أنعم به عليه، فإنّ العبد أقرب ما يكون من ربه إذا سجد.
سجود الشّكر نفس سجود التّلاوة؛ فلا يلزم فيه أيّ شرط من شروط الصّلاة، فقط يخرّ المسلم ساجداً دون أن يُكبِّر، ثم يقول كما يُقال في سجود الصّلاة أو سجود التّلاوة، ويشكر الله على نعمه، ويدعوه بما يُريد، وكلُّ ذلك دون وضوء، أو تكبير، أو تَشهُّد، أو تسليم، ولم يَرِد عن الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- في سجدة الشّكر قولٌ أو دعاءٌ مخصوص أو ذكرٌ مُعيّن، بل يقول المُسلم ما يُقال عند السّجود، ويُمكنه أن يجتهد بما يشاء من ذكرٍ أو أيّ كلامٍ فيه من شكر الله وتقديسه وتمجيده، ويجوز له إضافة تحميدٍ، أو استغفارٍ أو شكرٍ، أو دعاء، كما أنّه إذا بُشِّر المسلم بما يَسُّره وهو يُصلّي فلا يجوز له أن يسجد سجدة الشّكر، أو أن يُصلّي ثم يُضيف سجدةً للصّلاة على أنّها سجدة شكر فذلك يُبطل الصّلاة؛ حيث إنّ سبب سجوده ليس من الصّلاة، ولا يجوز إضافة شيءٍ في الصّلاة ليس منها، أو زيادة ما لم يرد فيه نصٌّ عليها، وإذا طال الفصل بين سجدة الشّكر وسببها فلا يُشرع له السّجود لانتفاء السّبب
إذا طرأت على المسلم نعمةٌ ظاهرةٌ فإنّه يُشرع له أن يسجد شكراً لله عليها، ومثال النّعم الظّاهرة ما ياتي