كيف يهب هؤلاء غضبة لنبيهم؟

الكاتب: المدير -
كيف يهب هؤلاء غضبة لنبيهم؟
"كيف يهب هؤلاء غضبة لنبيهم؟ لا أدري من أين أبدأ فالمشاعر تتصارع أيها يبدأ بها قلمي، هل أبدأ من إساءات فرنسا المتكررة لخير البرية ورسول الإنسانية، وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، وأتحدث عن صاحب الخلق العظيم الذي ما وطأت الأرض منذ أن خلقها الله خيرًا منه بأبي هو وأمي؟ فلو خُطَّت آلاف الصحف ما وفَّت حقه وخُلقه وخصاله وحرصه على أمته، بل على هداية البشرية جمعاء.   أم أتحدث عن الموقف الضعيف المتخاذل للمسلمين، وأبث ما في قلبي من لوعة على حال الأمة؟   فوالله لو وجدت فرنسا موقفًا قويًّا من أول إساءة لما كررتها، إذا لم نغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمن نغضب؟   يقول عبدالله بن هشام في الحديث الذي رواه البخاري: كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شيءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (لَا، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ)، فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (الآنَ يا عُمَرُ).   وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين)؛ رواه الشيخان من حديث أنس.   مهلًا يا نفسي، فهذا هو المفترض، ولكن أين هو الواقع المرير؟! فحتى حب الآباء والأمهات الآن فيه نظر، وقلوب الآبناء أصبحت في خطر، أما نسمع الشباب يمزح بعضهم مع بعض بسب الآباء والأمهات فيضحكون، ولفطرة الحمية للأهل يقتلون؟!   فهل أمثال هؤلاء إذا سمعوا إساءة لنبيهم الذين لا يعرف كثير منهم اسمه كاملًا يبالون؟   لكن ينال مذيع من أحد الشخصيات الرياضية المحبوبة، فتضج مواقع التواصل الاجتماعي بالدفاع عنه والنيل مِمَّن تعرَّض له بالكلام!   تلك الفتاة التي رمت بأوامر ربها التي جاءت على لسان نبيها عرض الحائط، فتُبدي من جسدها أكثر مما تخفي، وتخضع بالقول فتميل القلوب والعقول، هل يمكن أن تغضب لنبيها وقد عصتْه، لو كانت تحبه لأطاعته فكيف تدافع عمن لم تحب؟   يقول عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه في الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه: بينما أنا واقفٌ بيْنَ الصَّفِ يومَ بدرٍ، نظَرْتُ عن يميني وعن شِمالي فإذا أنا بيْنَ غلامينِ مِن الأنصارِ، فبينما أنا كذلك إذ غمَزني أحدُهما، فقال: أيْ عم، هل تعرِفُ أبا جهلِ بنَ هشامٍ؟ فقُلْتُ: نَعم وما حاجتُك إليه يا بنَ أخي؟ فقال: أُخبِرْتُ أنَّه يسُبُّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والَّذي نفسي بيدِه، لو رأَيْتُه لا يُفارِقُ سوادي سوادَه حتَّى يموتَ الأعجَلُ منَّا، قال: فأعجَبني قولُه، قال: فغمَزني الآخَرُ، وقال مثلَها، فلم أنشَبْ أنْ رأَيْتُ أبا جهلٍ يجولُ بيْنَ النَّاسِ، فقُلْتُ لهما: هذا صاحبُكما الَّذي تَسألاني عنه، فابتدراه فضرَباه بسيفَيْهما، فقتَلاه، ثمَّ أتَيا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخبَراه بما صنَعا، فقال: (أيُّكما قتَله؟)، فقال كلُّ واحدٍ منهما: أنا قتَلْتُه، فقال: (هل مسَحْتُما سيفَيْكما؟)، قُلْنا: لا، قال: فنظَر في السَّيفينِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (كلاكما قتَله)، ثمَّ قضى بسلَبِه لمُعاذِ بنِ عمرِو بنِ الجَموحِ، قال: والرَّجلانِ مُعاذُ بنُ عمرِو بنِ الجموحِ، ومُعاذُ بنُ عفراءَ.   فتيان حديثا السن من الأنصار لم يريا أبا جهل ولم يعرفاه، لكن لا يطيقان أن يسمعا أنه سب النبي صلى الله عليه وسلم ويتركاه!   أما شبابنا اليوم وفتياتنا، فهم مشغولون بشهواتهم، مفتونون بالحب واللوعة والاشتياق، فشتان بين الفريقين.   ذلك الذي يسمع ويعرف حديث أبي هريرة أن رسول الله مرَّ على صبرة طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟))، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني))؛ رواه مسلم.   ثم يغش الناس ويشجع ولده على الغش في الامتحان، كيف يهب غضبة لنبيه صلى الله عليه وسلم وقد خالفه؟!   وهذا وهذه وذاك وتلك فكم من منكرات نهانا عنها نبينا فعلناها! وكم من أوامر تركناها!   كم سنة نحرِص عليها في يومنا، بل هل نعرف تلك السنن؟ هل قرأنا سيرته، هل تعطرنا بأخلاقه؟ ماذا نعرف عن حياته وجهاده وآلامه، وما تحمله لنكون أنا وأنت وأنتِ مسلمين؟ بل كم مرة تصلِّي عليه في اليوم ولو حتى في يوم الجمعة الذي أمرنا بالإكثار من الصلاة عليه فيه؟   عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّها قالَتْ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ، قالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أرَدْتُ، فانْطَلَقْتُ وأنا مَهْمُومٌ علَى وجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلَّا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ، ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ، لا يُشْرِكُ به شيئًا؛ رواه البخاري.   يرمى بأبي هو وأمي بالحجارة حتى أُدمِي كعبه وشُجَّ رأسه، ثم يرفض أن يُنزل بهم العذاب لعله يخرج من أصلابهم من يؤمن بالله.   في غزوة أُحد كُسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم، وشُجَّ في وجهه، فأخذ الدم يسيل على وجهه، وهو يقول‌‏:‌‏ ‌‏كيف يُفلح قوم خضبوا وجه نبيهم، وهو يدعوهم إلى ربهم، فأنزل الله عز وجل في ذلك‌‏:‌ ? لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ? [آل عمران: 128].   ويقول تعالى: ? لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ? [الشعراء: 3]، يقول تعالى ذكره: لعلك يا محمد قاتل نفسك ومُهلكها إن لم يؤمن قومُك بك ويصدِّقوك على ما جئتهم به، والبخْع: هو القتل والإهلاك في كلام العرب؛ [تفسير الطبري].   وبعد هذا كله يخرج من أُمَّته من لا يبالي ولا يهتم، ولا يغضب ولا يؤدب من أساء إليه، فيا حسرتا على حال الأمة.   الآن الآن لنهُب لنصرة نبينا، ننصُره باتباعه، بمعرفة سيرته والسير على هديه، بترك ما نهانا عنه، بمقاطعة منتجات من أساء إليه فهو أضعف الإيمان.   اللهم اغفِر لنا ذلَّنا وضَعفنا، وهواننا ومعاصينا التي جعتلهم يتطاولون على نبيك ونحن صامتون. "
شارك المقالة:
8 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook