قرارات التعيين بتوقيع النبي الأمين

الكاتب: المدير -
قرارات التعيين بتوقيع النبي الأمين
"الإسراء والمعراج قصة العناية الإلهية والثبات على المبدأ   الله تعالى اصطفى مِن خلقه البشر، واصطفى من البشر الموحِّدين، واصطفى من الموحِّدين له الأنبياء والرسل، واصطفى مِن الرسل أولي العزم (نوح - إبراهيم - موسى - عيسى - محمَّد) عليهم صلوات الله وسلامه، فعلى قدْر الاصطِفاء تكون المِنَن والمِنَح.   ولما كانت الخلَّة لإبراهيم، والتكليم لموسى، والإحياء لعيسى، فلا جرم أن تكون الرُّؤيا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ولما كان الكلام لموسى أرضًا فلا جرم أن يكون الكلام لمحمد سماءً، وإذا كان مُمكنًا للبشر أن يروا الله تعالى منامًا، فلا جرم أن تكون الرؤيا لمحمد يقظةً، وإذا كان العلم بالجنة والنار والغيبيات سماعًا، فلا جرم أن تكون لمحمد عيانًا، ولما كان الدِّين ينزل من السماء إلى الأرض فلا جرم أن تفرض عماده - الصلاة - ليلة المعراج سماءً، ولما كان جزاء الصبر على المحْنَة هو المِنحة؛ ? إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ? [الزمر: 10]، ولما كان الحزن على موت خديجة وأبي طالب قد بلغ مداه، ولما كان الأذى في الطائف قد بلغ سيلُه زباه والليالي تموج حلكًا، والرسول - صلى الله عليه وسلم - صامدًا، ما زاده ذلك إلا إيمانًا وتثبيتًا وما كان يدعو عليهم بل يقول: ((اللهم اهدِ قومي؛ فإنهم لا يعلمون))، وكان أخوه نوح - عليه السلام - بعد يأسه من قومه يقول: ? رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ? [نوح: 26]، وأخوه موسى قال داعيًا على قومه: ? رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ? [يونس: 88]، فلا جرم أن يستحقَّ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بذلك وغيره تميُّزًا فوق التميُّز، وتكريمًا فوق التكريم.   وقد كان حادث الإسراء مُستغربًا عند البشر، إلا أن رجلاً كأبي بكر الصديق لم يُخالجْ هذا الاستغراب داخله، ولم يتردَّد في تصديقه؛ قال له الكفار: إن صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ثم عاد، ونحن نقطع أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، وكان أبو بكر فطنًا فلم يقل لهم مباشرة: لقد صدق؛ لاحتمال أنهم افتعلوا هذا الأمر ونسبَوه إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: إن كان قال فقد صدق؛ إني أصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدِّقه في خبر السماء، فاستحق بهذا التصديق أن يكون صدِّيقًا، بل مِن حينها كان جديرًا أن يكون ثاني اثنين، واستحقَّ أن يكون إيمانه أثقل من إيمان الأمة جميعها.   وقصة الإسراء والمعراج هي قضية الثبات على المبدأ المتمثِّل في موقف سيدنا أبي بكر - رضي الله عنه - وقضية القدرة الإلهية التي تُضمِّد جراح المُخلِصين لها وتمدُّهم بالعون والمدَد، والقصَّة العظيمة يجب ألا تقاس بمقياس العقول البشرية، وهي تدعو الدعاة إلى الصبر على الطريق غير المحفوف بالورود، ووتوجِّه رسالةً إلى المسلمين أن يستيقظوا من رقدتِهم الطويلة، وأن يهبُّوا هبَّة رجل واحد لتطهير بيت المقدس من أعداء الله الذين قالوا ? يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ? [المائدة: 64]، الذين ذهبوا إلى قبر صلاح الدين ونادَوا عليه وقالوا: ها نحن هنا يا صلاح الدين.   القصة تطالبنا بردِّ كرامتنا واستعادة المكان الذي شهد هذه الرحلة المباركة، عيسى وموسى وسليمان وداود وإبراهيم، والجَميع يُنادي: أين مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟!   ورحم الله صلاح الدين الأيوبي عندما كان يومًا مع أصحابه فضَحِكوا لأمر ما ولم يضحكْ صلاح الدين، فقالوا له: لماذا لا تضحك؟! فقال: أستحي أن أضحك والمسجد الأقصى في يد الصليبيين، فأين نحن من هذه الروح الإسلامية العظيمة؟!   أرجو من المولى - عز وجل - أن يغيِّر ما بنا بعد أن نغيِّر مِن أنفسنا. "
شارك المقالة:
12 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook