أوجب الله -تعالى- خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ، وجعلها آكد أركان الإسلام بعد ركن الشهادتين، وهذه الصلوات الخمس الواجبة هي: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، إلّا أنّ للمسلم أنْ يزيد على هذه الصلوات الواجبة بأداء صلواتٍ أخرى شُرعت له في الإسلام، وسنّها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي ما تسمّى بصلاة التطوع، وقد عرّفها العلماء بأنّها كلّ صلاةٍ زادت على الصلوات الخمس المفروضة، وقد بيّن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ أداء صلاة التطوع في البيت أفضل من أدائها في المسجد، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (صلاةُ المرءِ في بيتِهِ أفضلُ من صلاتِهِ في مسجدي هذا إلَّا المَكتوبةَ).
وتقسم صلاة التطوع إلى قسمين رئيسيين؛ الأول منهما: التطوع المطلق؛ وهي الصلاة التي ليس لها سببٌ معينٌ، ولا عددٌ معينٌ من الركعات، فالمسلم الذي يريد أنْ يتطوع في صلاته تطوعاً مطلقاً، له أنْ يصلّي ما يشاء من الركعات، ويكفيه عند ذلك نية الشروع في الصلاة، دون الحاجة إلى تحديد عدد الركعات في نيته، أمّا القسم الثاني من أقسام صلاة التطوع فهو التطوع المقيّد؛ ويشمل الصلوات التي جاءت نصوص الشريعة الإسلامية بمشروعيتها، ويشتمل هذا القسم على نوعين؛ فالنوع الأول السنن الرواتب، والنوع الآخر السنن الأخرى غير الرواتب؛ فأمّا السنن الرواتب فهي السنن القبلية والبعدية التي تُلحق بالصلوات المفروضة، وتُقسم السنن الرواتب إلى قسمين؛ منها ما يكون مؤكّداً عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنها ما يكون غير مؤكّدٍ، وأمّا السنن المؤكدة من غير الرواتب فمثالها: صلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وقيام الليل، وصلاة الاستخارة وغيرها.
شُرعت صلاة الآيات عند ظاهرتي كسوف الشمس وخسوف القمر؛ فهما آيتان من آيات الله عزّ وجلّ، وممّا يدلّ على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ الشمسَ والقمرَ آيتان مِن آياتِ اللهِ، لا يَنْكَسِفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتموهما فادعوا اللهَ، وصلُّوا، حتى يَنْجَلِيَ)، وقد اختلف العلماء فيما إذا كانت صلاة الآيات مشروعةً للمسلمين لغير الكسوف والخسوف من الآيات؛ كالزلزلة والريح الشديد، فيرى الحنفية استحباب أداء الصلاة عند كلّ فزعٍ شديدٍ؛ كالزلزلة أو المطر الدائم، أمّا الحنابلة فقالوا بعدم الصلاة إلّا عند الزلزلة الدائمة؛ لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّه صلّى حين وقوع زلزلة البصرة، ويرى الشافعية أنّ صلاة الجماعة عند حصول الآيات لا تكون إلّا للكسوف والخسوف، بل ويُستحبّ للمسلم أنْ يصلّيها في بيته، وأنْ يتضرّع إلى الله -عزّ وجلّ- كما يصلّي سائر الصلوات، ويرى الإمام مالك أنّه لا يُصلّى لهذه الآيات مطلقاً.
وفيما يتعلق بكيفية صلاة الآيات أو صلاة الكسوف؛ فإنّها تؤدّى ركعتان، في كلّ ركعةٍ منهما قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، وتكون القراءة في الصلاة جهريةً سواءً أكانت في الليل أو في النهار، ويبدأ المسلم بالركعة الآولى فيقرأ سورة الفاتحة، وبعدها سورةً طويلةً، ثمّ يركع فيطيل في ركوعه، ثمّ يرفع من ركوعه، فيسمع ويحّمد، ويقرأ سورة الفاتحة، وسورةً أخرى طويلةً دون طول الأولى، ثمّ يركع ركوعه الثاني للركعة الأولى، ثمّ يرفع وينزل للسجود، فيسجد سجدتين طويلتين، ثمّ يقوم لأداء الركعة الثانية، فيؤديها بنفس طريقة الركعة الأولى، ويجعلها دونها في كلّ ما يفعل، وبعد أنْ يتمّها يتشهّد، ثمّ يسلّم، فإذا انتهت الصلاة كان من السنّة للإمام أن يخطب بالناس خطبة يعظهم فيها.
شرع الله -عزّ وجلّ- لصلاة الكسوف أحكاماً تضبطها وتتعلّق بها، وفيما يأتي بيان بعضها:
موسوعة موضوع