شروط صلح الحديبية وموقف الصحابة منه

الكاتب: المدير -
شروط صلح الحديبية وموقف الصحابة منه
"هجرة الرجل والمرأة نفرة ونصرة لم تكن الهجرة رحلة ترفيهية، أو جولة سياحية، أو نقلة استكشافية..!! كلا وإنما هي خروج رجل آمن في سربه، معافا في بدنه، عنده قوت يومه، قرير في بيته، قانعا برزقه إلى مصير مجهول، ومكان معزول، لا يدري أيهلك أول الطريق أو آخره..!! لكنه يذهب برضا نفس ونقاء سريرة، يذهب لأنه يحب دينه ويتبع رسوله ? قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ? [آل عمران: 31].   لذلك خلدههم الله تعالى في القران المدني ? الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ? [الأعراف: 157] وشرفهم كذلك في القرآن المكي ? وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? [الأنفال: 63].   كانوا أفضل أهل الأرض من البشر، صفاء نفوس، ونقاء سريرة، وحسن سلوك وزهدا في الدنيا، ورغبة في الآخرة، إقبالا على الله، بذلا للنفس والنفيس، وتضحية بكل شيء في سبيل الله عز وجل.   مع أنهم فقراء إلا أنهم تركوا ديارهم وأموالهم بل وأبناءهم وأهليهم..!! لماذا؟!! لينصروا الله تعالى ورسوله الله صلى الله عليه وسلم ? لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ? [الحشر: 8] هذه أهدافهم وهذه ميولهم وهذه رغباتهم..!! يبتغون من فضل الله، ينصرون الله، ينصرون رسول الله لذلك صدقهم الله ? .. أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ? [الحشر: 8].   مهاجرون وأنصار سطروا ملحمة..!! نتعلم منها الدرس والتطبيق، ونأخذ منها العبرة والعظة... فالهجرة ليست كلمة.. ليست قصة.. إنما هي تاريخ.. إنما هي دين.. إنما هي عقيدة.. إنما هي رسالة.. إنما هي عمل جماعي منقطع النظير..!! نفرة للإسلام ونصرة للدين انفروا خفافا وثقالا (التوبة)... والإسلام استسلام لله لا لأحد سواه.!! والدين عصمة ونجاة في الحياة ويوم لقاء الله... وإلا فالتبديل والتعذيب كيف؟ إلا تنفروا يعذبكم عذابا شديدا ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا (التوبة) الأطهار الذين اصطفاهم الله تعالى لدينه، واختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم..!! مهاجرين، ارتضوا نصرة الله تعالى ورسوله، وأنصار تبوؤا الإيمان والدار، يحبون المهاجرين ويحملون لهم أعظم الإيثار، فنجحوا في الدنيا وافلحوا في عقبي الدار، حازوا الجنة ونجوا من النار..!! يدخل أحدهم إلى إيمانه كما يدخل احدكم إلى داره ? َالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ? بالحشر: 9] هذا قران، هذا كلام الله، هذا منهج حياة، هذا طريق النجاة...!!   هاجر أبو سلمة قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن إسحاق - وزوجته وابنه، فلما أجمع على الخروج قال له أصهاره‏:‏ هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه‏؟‏ علام نتركك تسير بها في البلاد‏؟‏ فأخذوا منه زوجته، وغضب آل أبي سلمة لرجلهم، فقالوا‏:‏ لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبوا الغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به‏.‏ وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة‏.‏   خلدت أم سلمة موقفها، فبعد أن هاجر زوجها كانت تخرج كل غداة بالأبطح تبكي حتى تمسي، ومضى عليها في ذلك نحو سنة لم تكل ولم تمل، فرق لها أحد ذويها وقال‏:‏ ألا تخرجون هذه المسكينة‏؟‏ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها، فقالوا لها‏:‏ الحقي بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته، وخرجت تريد المدينة - رحلة تبلغ حوالي خمسمائة كيلو متر تمر بين شواهق الجبال ومهالك الأودية - وليس معها أحد من خلق الله‏.‏ حتى إذا كانت بالتَّنْعِيم لقيها عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلى قباء، قال‏:‏ زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًا إلى مكة‏.‏   خلد القرآن موقف صهيب الرومي، لما هاجر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أراد الهجرة قال له كفار قريش‏:‏ أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك‏؟‏ والله لا يكون ذلك‏.‏ فقال لهم صهيب‏:‏ أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ فأني قد جعلت لكم مالي، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏ربح صهيب، ربح صهيب) ونزل فيه ? وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ? [البقرة: 207].   وخلدت أسماء بنت أبي بكر ذكرها في التأريخ وحازت لقب ذات النطاقين عندما شقت نطاقها نصفين لتشد طعام المهاجرَين، رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه وقد تتابعت هجرة النساء في الإسلام حتى شرعت في القرآن ? إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ? [الممتحنة: 10].   كان الرجل والمرأة عنصرين حاضرين في أرض الهجرة، شاركت المرأة مع الرجل في هذه الملحمة العظيمة، ونزل القرآن في الرجل والمرأة كذلك على السواء، ليستقي أهل الدعوة - رجل وامرأة، شاب وفتاة - من معينها الصافي، ونبعها المضيء، فيهاجروا لنصرة الدين، وحمل الدعوة، وإسعاد البشرية..!! فهل من وجودٍ حالي لمهاجرين بالدعوة أنصار للحق مدافعين عن للدين..؟!! اللهم اجعلنا مهاجرين إليك حاملين لدعوتك ناصرين لدينك...!! "
شارك المقالة:
19 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook