في الحديث عما وردَ من تأملات في سورة المسد، لقد بلغتْ بلاغة القرآن الكريم الآفاق، فقد أنزله الله -سبحانه وتعالى- وتحدَّى به العرب أهل الفصاحة والبلاغة والبيان، قال تعالى في سورة يوسف: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فكان كتابًا بلسان عربي فصيح، ولهذا كان لا بدَّ على علماء البلاغة والبيان أن يغوصوا في أعماق آيات هذا الكتاب الحكيم ويستخرجوا منها الدُّرر والنفائس ويوقِنوا حقَّ اليقين أنَّ هذا الكتاب من عند الله العليم، وكان لسورة المسد نصيب من بلاغة القرآن الكريم وبيانه ككلِّ السور والآيات القرآنية، حيث يقول الله -تبارك وتعالى- في سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ
بعد ما جاء من تأملات في سورة المسد، إنَّ من الجدير بالذكر أنَّ يتم إلقاء نظرة على أبي لهب، فأبو لهب محور الآيات القرآنية في سورة المسد حيث نزلتْ سورة المسد تنذره بعذاب أليم لفرط عداوته لرسول الله وأذيته له،، وأبو لهب هو عمُّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو عبد العزى بن عبد المطلب، يُكنَّى بأبي عتبة، ويُعرف بأبي لهب وهو لقب أطلقه عليه أبو عبد المطلب، كان أبو لهب أول المشركين الذي جاهروا بعداوة الإسلام، وقد حارب المسلمين وكاد لهم ومارس عليهم كلِّ ألوان العذاب، وكان له ثلاثة أولاد: عتبة ومعتب وعتيبة، وقد هلك أبو لهب بمرض الطاعون بعد غزوة بدر بأيام قليلة، وكانت وفاته سنة 624م، والله أعلم