زكاة الفطر

الكاتب: مروى قويدر -
زكاة الفطر

زكاة الفطر.

 

زكاة الفطر وحكمها

تعريف زكاة الفطر

 

تأتي الزكاة في اللغة بمعنى: الطُّهر، والبركة، والنماء؛ فيُقال عن الزرع إذ نما: زكى، أمّا إضافة لفظ الفِطْر إلى الزكاة، فهو من قبيل إضافة الشيء إلى سببه؛ فالفِطْر بعد صيام شهر رمضان سبب الزكاة، ومن العلماء مَن يُطلق عليها صدقة الفِطْر، أو زكاة الفِطْرة أيضاً، وفي ما يتعلّق بتعريف زكاة الفِطْر في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو مقدارٌ معلومٌ من الصدقة، تجب بالفِطْر من رمضان، وفق شروطٍ مخصوصةٍ؛ طُعمةً للمساكين، وطُهرةً للصائم من اللغو والرَّفَث.

 

حكم زكاة الفطر

 

تجب زكاة الفِطْر على كلّ مسلمٍ؛ استدلالاً بِما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، عن الصحابيّ عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ)، وبقوله -عليه الصلاة والسلام- أيضاً: (أدُّوا صاعًا من بُرٍّ أوْ قمْحٍ بيْنَ اثنيْنِ، أو صاعًا من تمْرٍ، أوْ صاعًا من شعيرٍ، على كُلِّ حُرٍّ وعبْدٍ صغيرٍ وكبيرٍ)، والأمر في الحديث السابق يدلّ على الوجوب.

 

أحكامٌ مُتعلّقةٌ بزكاة الفطر

 

حُكم إعطاء زكاة الفطر لشخصٍ واحدٍ

 

تناول الفقهاء مسألة إعطاء زكاة الفطر لشخصٍ واحدٍ، أو تفريقها على مجموعةٍ من الأشخاص، وذهبوا في ذلك إلى أقوالٍ، فيما يأتي بيان قول كلّ مذهبٍ من المذاهب الأربعة في المسألة:

  • مذهب الحنفيّة: ذهب الحنفيّة في مذهبهم إلى القول بجواز تقديم صدقة فطرٍ لشخصٍ واحدٍ، أو لجماعةٍ؛ إلى شخصٍ واحدٍ، وقالوا كذلك بجواز تفريق صدقة الفطر على أكثر من فقيرٍ.
  • مذهب المالكيّة: الأولى في مذهب المالكيّة دفع زكاة الفطر لفقيرٍ واحدٍ، لكنّهم يجيزون كذلك دفع المقدار الواحد من زكاة الفطر لأشخاصٍ متعدّدين، كما يجيزون دفع عدّةٍ مقادير من زكاة الفطر لفقيرٍ واحدٍ.
  • مذهب الشافعيّة: ذهب الشافعيّة إلى عدم جواز صرف صدقة الفطر إلى فقيرٍ واحدٍ.
  • مذهب الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى جواز إعطاء مقدارٍ واحدٍ من زكاة الفطر لشخصٍ واحدٍ، أو إلى جماعةٍ، كما أجازوا إعطاء زكاة الفِطْر لجماعةٍ إلى فقيرٍ واحدٍ كذلك.

 

مصارف زكاة الفطر

 

المصارف العامّة للزكاة

 

بيّن القرآن الكريم مصارف الزكاة؛ أي الأصناف التي تُعطى وتُؤدّى لهم الزكاة، وهي ثمانية أصنافٍ بيّنها قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)، ويُمكن إيضاح تلك الأصناف على النحو الآتي:

  • الفُقراء: والمفرد: فقيرٌ، وهو المحتاج في اللغة، والفَقْر ضدّ الغِنى، أمّا الفقير في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهو مَن لا يجد ما يكفيه، أو يجد بالكسب، أو غيره، بعض ما يكفيه، ممّا يقلّ عن نصف حاجته.
  • المساكين: والمفرد: مسكينٌ، ويرجع إلى الجذر اللغويّ سَكَنَ، وسكن الشيء؛ أي ذهبت حركته، ومنه: المسكين؛ لسكونه إلى الناس، والمسكنة تأتي بمعنى: الخضوع والقَهْر، أمّا المساكين في الاصطلاح الشرعيّ؛ فهم الذين يجدون أكثر كفايتهم، أو نصفها، من كسبٍ، أو غير ذلك، إلّا أنّهم لا يجدون كفايتهم، وكفاية مَن تلزمه نفقتهم كلّها، وقد اختلف العلماء في الفرق بين المسكين والفقير في أيّهما أحوج؛ فذهب الإمام مالك إلى أنّ المسكين أشدّ حاجةً من الفقير؛ لأنّ المسكين هو الساكن عن الحركة؛ أي الذي لا يَقْدر على العمل والكسب، أمّا الفقير فقادرٌ على العمل والكسب، وذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الفقير أشدّ حاجةً من المسكين؛ مُستدلّين بقول الله -تعالى- في سورة الكهف: (أَمَّا السَّفينَةُ فَكانَت لِمَساكينَ يَعمَلونَ فِي البَحرِ)، فقد ذكرت الآية الكريمة أنّ المساكين يعملون في البحر، وهو عملٌ يحتاج قوّةً، فكيف يكونون غير قادرين على الكسب، وقالوا إنّ السفينة للمساكين؛ فلا يكونون بذلك أقلّ حالاً من الفقراء، وردّ الحنفيّة والمالكيّة على ذلك بقولهم إنّ المقصود من الآية الكريمة أنّ المساكين يعملون في السفينة مقابل أجرٍ، أو أنّهم من ركّابها، لا أنّهم مالكوها.
  • العاملون عليها: وهم القائمون بالأعمال المُتعلّقة بالزكاة؛ من جمعها، أو حفظها، أو الكتابة لموجوداتها، فيعطون من الزكاة مقابل عملهم عليها.
  • المُؤلّفة قلوبهم: وهم السَّادة المُطاعون في أقوامهم ممّن يُرجى إسلامهم، أو إسلام أقوامهم بإسلامهم؛ فيُعْطَون ترغيباً لهم، أو ممّن يُخشى شرُّه؛ فيُعْطون لِما في إعطائهم من مصلحةٍ ومنفعةٍ للإسلام والمسلمين.
  • الرِّقاب: وهم العبيد الذي كانوا يدفعون لأسيادهم ثمناً؛ لقاء حرّيتهم، ويُطلق عليهم: المُكاتِبين، فيجوز دفع الزكاة لهم، أو الرّقاب المسلمة التي تقع في الحَبْس، فيُدفَع من الزكاة؛ لفكّها وتحريرها.
  • الغارمون: وهم المدينون الذين تحمّلوا دَيناً؛ إمّا لدفعهم مالاً في سبيل إصلاحٍ بين متخاصمين؛ لإنهاء الخصومة بينهم، فيُعْطون من الزكاة؛ حتى يتقوَّوا، ويزيد عزمهم على الإصلاح بين المُتخاصمين، وقد يكون الغارم هو المَدين الذي أُعسِر، ولا يملك المال لِسداد دَيْنه؛ فيجوز إعطاؤه من الزكاة؛ ليسُدَّ دَيْنه.
  • في سبيل الله: فيُعطى المقاتلون في سبيل الله من أموال الزكاة ما يُعينهم في القتال؛ من السلاح والعتاد، أو النفقة له ولعائلته؛ ليتقوّى على القتال ويتفرّغ له، ومن العلماء من قال إنّ المُتفرّغ لطلب العلم داخلٌ في هذا المصرف من مصارف الزكاة، وهناك من أدخل في هذا المصرف الفقير الذي لا يملك مالاً لأداء الحجّ، فيُعطى من الزكاة ما يكفيه ليُؤدّي الحجّ.
  • ابن السبيل: وهو الغريب المسافر الذي انقطعت به الطريق في غير بلده، ولا مال له، فيُعطى قَدْراً من مال الزكاة يُوصله إلى بلده.

 

أقوال الفقهاء في مصارف زكاة الفطر

 

اختلف الفقهاء في المصارف التي تُصرف لها زكاة أو صدقة الفطر، ويُمكن جمع أقوالهم على النحو الآتي:

  • القول الأوّل: ذهب الحنفيّة إلى أنّ زكاة الفطر تُصرَف لأيّ صنفٍ من الأصناف الثمانية، ويجوز أن يُخصَّ بها الفقراء، وقد استدلّوا بقول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم...)؛ إذ إنّ الآية عامّةٌ في صرف الصدقات بعمومها لهذه الأصناف، وزكاة الفِطْر من قَبيل الصدقات، فتدخل في عموم الآية.
  • القول الثاني: ذهب الشافعيّة في المشهور عنهم، وابن حزم الظاهريّ، والإمام أحمد بن حنبل إلى أنّ زكاة الفطر يجب أن تُصرف للأصناف الثمانية، وتُقسَم بينهم بالتساوي؛ استدلالاً بقول الله -سبحانه-: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم...)؛ وقالوا بأنّ الآية دلّت على وجوب أداء الصدقات للأصناف المذكورة بالتساوي، وقال ابن حزم بأنّ مصرف العاملين عليها يسقط إن وزّعها المُزكّي بنفسه، كما يسقط سهم المُؤلَّفة قلوبهم؛ لأنّ أمرهم راجعٌ إلى الإمام.
  • القول الثالث: ذهب المالكيّة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيّم إلى أنّ زكاة الفِطْر تُصرف للفقراء والمساكين فقط، دون غيرهم من مصارف الزكاة الأخرى، واستدلّوا بما رواه عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال في زكاة الفطر: (زكاةُ الفطرِ طُهْرَةٌ للصائِمِ مِنَ اللغوِ والرفَثِ، وطُعْمَةٌ للمساكينِ)؛ فإعطاؤها للفقراء والمساكين يتماشى مع طبيعة هذه الصدقة وهدفها.

 

مقدار زكاة الفطر

 

أتّفق العلماء على أنّ زكاة الفِطْر تُقدّر بصاعٍ* من الأصناف جميعها التي تؤدّى الزكاة منها، إلّا أنّهم اختلفوا في المقدار إن كانت الزكاة من القمح أو الزبيب؛ فقدّرها الجمهور من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بالصاع، وقدّرها الحنفيّة بنصف الصاع، وانفرد الحنفية أيضاً بقولهم بجواز أداء زكاة الفطر نَقداً، واعتبروا النَّقْد أفضل.

شارك المقالة:
296 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook