تفاضل بعض أعمال البر قبل فتح مكة وبعده

الكاتب: المدير -
تفاضل بعض أعمال البر قبل فتح مكة وبعده
"حدث في السنة الثامنة من الهجرة (12) 37- وفي ذي القعدة من هذه السنة: فرَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- الغنائم، وأعطى المؤلفة قلوبهم كثيرًا، ووكَّل المؤمنين إلى إيمانهم، فقام ذو الخويصرة فقال ما قال. الشرح: عَنْ رَافِعِ بن خَدِيجٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قسم رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- غنائم يوم حنين فأعطى أَبَا سُفْيَانَ بن حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ، وَعُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ، وَالْأَقْرَعَ بن حَابِسٍ، كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عَبَّاسَ بن مِرْدَاسٍ دُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبَّاسُ بن مِرْدَاسٍ: أَتَجْعَلُ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعُبَيْدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ فَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا وَمَنْ تَخْفِضْ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ   فَأَتَمَّ لَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِائَةً[1].   وعَنْ عبدالله بن زَيْدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا فَتَحَ حُنَيْنًا قَسَمَ الْغَنَائِمَ، فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ يُحِبُّونَ أَنْ يُصِيبُوا مَا أَصَابَ النَّاسُ فَقَامَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَبَهُمْ فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ الله بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ الله بِي؟ وَمُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمْ الله بِي؟» وَهم يَقُولُونَ: الله وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، فَقَالَ: «أَلَا تُجِيبُونِي؟» فَقَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ أَنْ تَقُولُوا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ مِنْ الْأَمْرِ كَذَا وَكَذَا، أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْإِبِلِ وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ الله إِلَى رِحَالِكُمْ، الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ[2]، وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهُمْ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً[3]، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ[4].   وعَنْ جَابِرِ بن عبدالله قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ، وَرَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقْبِضُ مِنْهَا، يُعْطِي النَّاسَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ، قَالَ: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ بن الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: دَعْنِي يَا رَسُولَ الله فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ، فَقَالَ: «مَعَاذَ الله أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أصحابي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ»[5].   وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بني تَمِيمٍ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله اعْدِلْ، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ بن الخطاب: يَا رَسُولَ الله ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الإسلام كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ[6]، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ[7]، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ[8]، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ[9]، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تتَدَرْدَرُ[10]، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ»، قَالَ أبو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بن أبي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ، فوجد، فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الَّذِي نَعَتَ[11].   38- وفي ذي القعدة من هذه السنة، جيء بالشيماء أُخت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، أسيرة، فمنَّ عليها وأعطاها وأطلقها. الشرح: ذكر ذلك ابن إسحاق - رحمه الله -، وغير واحد من أهل السيرة، أنه جيء بالشيماء بنت الحارث بن عبد العُزَّى أخت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الرضاعة، فساقوها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعنفوا عليها في السياق، فقالت للمسلمين: تعلموا والله إني لأختُ صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [12]، فمنَّ عليها وأعطاها عطايا وأطلقها.   39- وفي ذي القعدة من هذه السنة: اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجُعْرانة. الشرح: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعَ عُمَرٍ كُلَّهُنَّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ؛ عُمْرَةً مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنْ جِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ[13]. [1] صحيح: أخرجه مسلم (1060)، كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم. [2] الشعار: الثوب الذي يلي الجسد، والدثار: الثوب الذي يكون فوقه، ومعنى? الحديث: الأنصار هم البطانة والخاصة والأصفياء وألصق بي من سائر الناس (نووي). [3] ستلقون بعدي أثرة: أي: ستلقون ناسًا يؤثرون أنفسهم وذويهم على? غيرهم. [4] متفق عليه: أخرجه البخاري (4330) كتاب: المغازي، باب: غزوة الطائف، ومسلم (1061)، كتاب: الزكاة، باب: إعطاء المؤلفة قلوبهم. والمؤلفة قلوبهم هم أناس قد أسلموا، حديثو عهد بكفر يعطون من الزكاة ليثبتوا على? الإسلام ويحسن إسلامهم، أو كافر يعطى? من المال رجاء أن يُسلم. [5] صحيح: أخرجه مسلم (1063)، كتاب: الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم. [6] النصل: هو حديد السهم، والرصاف: هو مدخل النصل من السهم. [7] النضيُّ: عود السهم. [8] القُذَذُ: هي ريش السهم. فشبَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مروقهم وخروجهم من الدين بالسهم الذي يخرج بسرعة شديدة نحو الرميَّة. [9] الفرث: الروث في الكرش، أي: أن السهم من شدة سرعته خرج من الناحية الأخرى? ولم يصبه فرث ولا دم. [10] البضعة - بفتح الباء -: القطعة من اللحم، تتدردر: أي: تضطرب وتذهب وتجيء. [11] متفق عليه. أخرجه البخاري (3610)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (1064) كتاب: الزكاة، باب: ذكر الخوارج وصفاتهم. [12] «سيرة ابن هشام» 4/49. [13] متفق عليه: أخرجه البخاري (1778)، كتاب: العمرة، باب: كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟، ومسلم (1253)، كتاب: الحج، باب: بيان عدد عُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمانهنَّ. "
شارك المقالة:
18 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook