الزكاة

الكاتب: مروى قويدر -
الزكاة

الزكاة.

 

 

الزكاة من أهمّ أركان الإسلام بعد الصلاة، وهي التَطهّر والنظافة والنَّماء والزِّيادة؛ فإخراج جزءِ من المال الزائد عن حاجة المسلم لمُستحقّيه من الفقراء والمساكين وغيرهم يطهِّره ويُنمّيه ويبارك فيه -بإذنه تعالى- ويحفظه من الزوال.


ورد في القرآن الكريم أنّ الزكاة كانت قد فُرضت على الأمم السابقة؛ حيث جاء الرّسل والأنبياء بفرضيتها قديماً، ثم جاءَ الإسلام وأرسى لها القواعد، والأسس وأوجبها وفق ضوابط وشروط وأحكام، وفصَّل في مُستحقّيها تفصيلاً دقيقاً، حتى اتّضح مفهوم الزكاة لكلّ من أراد أداءها، وظهر لكلّ مُسلم متى تجب عليه ومتى لا تجب، ومن هم أصحابها ومُستحقّوها، قال تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

 

تعريف الزكاة:

 

الزكاة لغةً

الزكاة مَصدرها زكو، وجمعها الزكوات، وللزكاة في اللغة عدد من التعريفات وبيانها على النحو الآتي:

  • زكاة المال: تطهيره، وتصريفاتها: زكى يزكّي تزكية.
  • الزكاة: الصلاح. يُقال: رجل زكي أي تقي، ورجال أزكياء: أتقياء.
  • الزكاة: النماء، ومنه زكا الزرع يزكو زكاء: أي ازداد ونما، وكلّ شيء ازداد ونما فهو يزكو زكاءً.
  • الزكاة بمعنى الأفضل أو الأليق، يقال: هذا الأمر لا يزكو، أي: لا يَليق. قال الشاعر:

والمال يزكو بك مستكبرا

يختال قد أشرف للناظر


سُمِّيت الزكاة زكاةً للبَركة التي تَظهر في المال بعد أدائها، يُقال: زكا الشيء يزكو، إذا كثر ودخلت فيه البركة، وقال ابن عرفة في تسميتها: سُمّيت الزكاة بذلك، لأنّ من يؤديها يتزكى إلى الله أي: يتقرب إلى الله بالعمل الصالح، وكلّ من تقرّب إلى الله بعمل صالح فقد تزكى وتقرّب إليه، ومن ذلك قوله تعالى: (يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ)  وقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا) أي: قرَّب نفسه إلى الله بالعمل الصالح.

 

الزكاة في الاصطلاح

 

عرّف العلماء الزكاة بأنها حصّة مُقدّرة من المال فرضها الله عز وجل للمُستحقّين الذين سماهم في كتابه العزيز، ‏أو هي القدر الواجب إخراجه لمستحقيه في المال الذي بلغ نصاباً مُعيّناً بشروط مخصوصة، وقيل هي: مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة‏، ويطلق لفظ الزكاة على نفس الحصة المخرجة من المال المزكى‏.


الزكاة الشرعيّة قد تُسمّى في لغة القرآن الكريم وسنة رسوله المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (صدقة) كما قال تعالى‏:‏ ‏(‏خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)‏،‏ وفي الحديث الصحيح الذي يرويه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى اللّه عليه وسلم - لمعاذ حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏(‏إنك تأتي قومًا أهل كتابٍ فادعُهم إلى شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً في أموالهم تُؤخذُ من أغنيائِهم وتردُّ على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائمَ أموالِهم واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنها ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ)

 

مستحقو الزكاة:

 

ورد ذكرُ أصناف ومُستحقّي الزكاة في القرآن الكريم في العديد من المواضع والآيات، ومن أظهر الآيات وأبرزها في ذكر وتفصيل مستحقّي الزكاة قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). ويُمكن بيان مستحقي الزكاة في الآتي:

  • الفقراء: عرّف الفقهاء الفقراء بأنَّهم الذين لا يَجدون إلاَّ نصف كفاية العام أو أقل من ذلك لهم ولمن يعولون.
  • المساكين: هم الذين يَجدون نصف كفايتهم فأكثر، ويشمل ذلك القوت من الطعام والشراب والملبس والمسكن والدفء، لكنّهم لا يصلون إلى الكفاية التامّة لهم ولمن يعولون؛ فالفقراء أشد حاجة وعَوَزاً من المساكين، لكن إذا ذُكِرَ المسكين وحده، فإنه يشمل بذلك الفقراء والمساكين، وإذا ذكر الفقير وحده كذلك شمل المساكين، ويجري التفريق بينهما إذا اجتمعا بناءً على ما سبق بيانه.
  • المؤلفة قلوبهم: السادة والقادة ورؤساء القبائل والوجهاء المطاعون في أقوامهم ممّن يعتقد إسلامهم إذا ما أعطوا من الزكاة، أو يرجى كف شرهم بإعطائه، فيؤلَّف قلبه بأن يعطى من مال الزكاة.
  • المُكاتب: هو العبد الذي يتفق مع سيده على أن يشتري نفسه مقابل مبلغٍ يدفعه له على دفعات حسب اتفاقهما، فيُعطى ما يوفى به دين الذي كاتب سيده عليه حتى يعتق نفسه من العبودية.
  • الغارم: هو من لَحِقه دين ولم يستطع إيفاءه في وقته المتفق عليه بينه وبين الدائن، شريطة أن يكون ترتّب عليه ذلك الدّين من أجل أعمال مباحة شرعاً، أو أعمال مُحرَّمة تاب منها، فيُعطى من مال الزكاة إن كان فقيراً محتاجاً ليوفي دينه إعانة له على التوبة.
  • ابن السبيل: هو المسافر الذي انقطعت به السبل، ولم يجد نفقةً ينفق منها على نفسه في غير بلده بشرط أن يكون سفره مباحاً، أو أن يكون السفر في محرَّمٍ تاب منه، فيُعطى من مال الزكاة ما يصل به إلى بلده، حتى إن كان غنيًا في بلده.
  • العاملين على الزكاة: هم كلّ من له عمل في تحصيل الزكاة وجمعها وتقسيمها وتوزيعها على مُستحقّيها، سواء كان العامل على الزكاة جابياً للزكاة أو موزّعاً لها أو حاملاً لها، فكل هؤلاء يُعطون من الزكاة بدلَ جهدِهم في جمع وتوزيع الزكاة وحملها لمُستحقّيها.
  • الغارمين: الغارم نوعان: فمنه: الغارم لإصلاح ذات البين، وهو الذي يُؤلّف بين طائفتين من الناس بينهما شرٌ وفتنة ويَسهى لذلك بماله ووقته حتى يلحق الدين، فيتوسّط للإصلاح بينهم، ويلتزم في ذمته مالاً لإطفاء الفتنة إن كان الأمر فيه مال كدينٍ أو حقٍ مطلوبٍ من أحد الفرقتين، فيُعطى من مال الزكاة حتى لا تجحف هذه الغرامات بسادات القوم من أهل الإصلاح، أو يوهِن ذلك من عزائمهم وإنفاقهم في سبيل الإصلاح، وأمّا النوع الثاني فهو الغارم لنفسه ممّن أصابت ماله جائحة أو مصيبة، أو لحقه دين طارئ، فيُعطى من مال الزكاة بالقدر الذي يوفى فيه دينه.
  • الغازي في سبيل الله: فإنَّه يُعْطَى من مال الزكاة بقدر ما يكفيه في قتاله وغزواته وتنقله لأجلها ذهابًا وإيابًا، وذلك إن لم يكن له شيء معروف يأخذه من بيت المال كراتبٍ شهري أو شيءٍ خاص من الغنائم أو عطية مخصوصة يأخذها لأجل قتاله.

 

حكم الزكاة ودليل مشروعيتها:

 

الزكاة واجبة مشروعةٌ بنص الكتاب والسنة والإجماع، فأمّا دليل وجوبها من الكتاب فقول الله تعالى: (وأقيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ)، وكذلك قوله تعالى: ‏(‏خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)‏، ولقوله تعالى أيضاً: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادهِ) وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أمْوَالِهِمْ حَقٌ مَعْلومٌ لِلسَّائِل واْلمَحْرُومِ)


دليل وجوب الزكاة من السنة ما يرويه ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال: قال رسول الله - صلى اللّه عليه وسلم - لمعاذ حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏(‏إنك تأتي قومًا أهل كتابٍ فادعُهم إلى شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً في أموالهم تُؤخذُ من أغنيائِهم وتردُّ على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائمَ أموالِهم واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنها ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ). وقد أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب الزكاة، وحرمة منعها.

 

شروط وجوب الزكاة:

 

يشترط للزكاة ما يُشترط في غالب الأحكام الإسلاميّة من البلوغ والعقل؛ فلا تجب على الصبيّ غير البالغ والمجنون الفاقد للأهلية، ولكنّها تجب على وليهما فيخرجها من مالهما بالمعروف، وذلك عند جمهور الفقهاء، وخالف في ذلك الحنفية فقالوا: لا تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون، ولا يجب على وليهما إخراجها من مالهما؛ لأن الزكاة عبادة محضة، والصبي، والمجنون غير مخاطبين بأداء العبادات فلا يجب عليهما أو على أحد أداءها نيابةً عنهما كما لا يجوز لأحد القيام بأي عبادة أخرى عنهما، كما يجب أن تكون الزكاة من مال المزكي وملكه الذي يملكه ملكاً تاماً لا شراكة فيه أو حقٍ لأحد، ويشترط كذلك بلوغ نصاب الزكاة المُقدّر شرعاً والذي حدّده الفقهاء بما يبلغ قيمة خمسة وثمانين غراماً من الذهب في زكاة المال، ويشترط في الزكاة أيضاً حلول الحول الذي يَعني مرور عامٍ على بلوغ المال المُراد زكاته.

 

شارك المقالة:
240 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook