"التأسي بالنموذج والتواصل الحي مع السيرة النبوية في الذكرى العطرة لميلاد نبيِّ الرحمة؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - يتطلب الأمر أن نتواشج مع هذه الذكرى، بالتواصل الحيِّ مع هدي صاحبها، وأن نحرص على استخلاص الدروس والعِبر منها؛ بقصد التأسِّي بسيرة صاحب الذكرى، وتجسيد مناقبه الفاضلة في حياتنا اليومية، قولًا وفعلًا. فحبُّ الرسول الكريم، والوفاء للرسالة التي جاء بها - يقتضي الالتزامَ بما جاء به، وبالتالي فإنه ينبغي ألا يقتصر الاحتفاء بمولده على مجرد طقوس جافَّة، لا تمتُّ بصلة إلى جوهر رسالته الكريمة، وذلك باعتباره النموذج النبويَّ للإنسانية في تكامل الفضائل المطلقة، والقيم النبيلة، كما قال عنه ربُّ العالمين في كتابه العزيز: ? لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ? [الأحزاب: 21]. فقد كان بتلك المناقب المثالية العالية وعاءً للفضيلة المطلقة؛ ? وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ? [القلم: 4]، حيث تجسَّد فيضُ خُلُقه الرفيع على الإنسانية والعوالم الأخرى، بالرحمة التي أضفاها عليه ربُّ العالمين بقوله: ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ? [الأنبياء: 107]، وبذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قَدَّمَ القدوة لأصحابه في التربية الفاضلة والسلوك القويم، فكانوا يرون فيه النموذج والمثال للاقتداء، وهو ما كان يحفزهم على العمل بهديه، ويدفعهم للاستجابة لما يطلبه منهم برحابة صدر، واندفاع لا مثيل له، متيقِّنين حقًّا من أن توجيهات الرسول النموذج لهم هي عين الهداية والفلاح، على قاعدة: ? وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ? [النور: 54]. فما أحوجَنا إلى الاقتداء بالنبي في كلِّ مجالات الحياة؛ لتحقيق الحياة الطيبة، لا سيما وأن المسلمين اليوم، بل الإنسانية جمعاء باتت في أمس الحاجة إلى التواشج الحي مع سيرة نبينا الكريم، والاقتداء به في أخلاقه؛ لكي تسمو بالأفراد والجماعات والمؤسسات إلى الحياة الطيبة الكريمة، بعد أن عصفت بهم معطيات العَصْرنة، بضجيجها الماديِّ الصاخب، وجففت فيهم نفحات الإيمان، حتى ضاقت عليهم الأرض بنا رحُبت. وإزاء محاولات الإساءة المعاصرة للرسول الكريم، التي يمارسها اليومَ بعضُ المهووسين من أي صوب كانوا، فإن المطلوب من جمهور أبناء الأمة العربية والإسلامية والإنسانية الحقة أن يكونوا يدًا واحدة، في مواجهة كل محاولة دنيئة، تسعى للإساءة إلى نبيِّ الهدى، وذلك بالتواصل الحي مع نفحات السيرة النبويَّة، فكرًا وسلوكًا، ولعلَّ أبلغَ ردٍّ على أباطيل أولئك المرجفين دفاعًا عن الرسول الكريم يتجسَّدُ في الإيمان المطلق، والالتزام التام بما جاءت به رسالته العظيمة، متمثلةً بالقرآن الكريم، والسُّنة المطهَّرة. "
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.