"كيف انتصر الصحابة رضي الله عنهم؟ إن الرجولة في الإسلام ليست وليدة الموقف، وإنما هي وليدة العقيدة.. وليست أي عقيدة؛ إنما هي الاعتقاد الحق الذي تمليه الإنسانية المكرمة، والفطرة السليمة، والعقل الصحيح، والروح النقية من دنس رغبات النفس وأدرانها.. ولذلك فإن المبدأ الذي يربط الرجال برجولتهم في الإسلام يرتقى ليضع أسمى القواعد التي عرفتها الإنسانية في تبعات الرجولة ومواقف البطولة... القصة رواها البخاري رحمه الله تعالى في مواضع عدة من كتابه الصحيح، كما رواها أصحاب السير وغيرهم، (قَالَ الْبُخَارِيُّ (بسنده)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فَتَبِعُوهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَتَبِعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ. فَلَمَّا انْتَهَى عَاصِمٌ وَأَصْحَابه لجأوا إِلَى فَدْفَدٍ (مكان مرتفع من الأرض)، وَجَاءَ الْقَوْمُ فَأَحَاطُوا بِهِمْ فَقَالُوا: لَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ إِنْ نَزَلْتُمْ إِلَيْنَا أَلَّا نَقْتُلَ مِنْكُمْ رَجُلًا. فَقَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا رَسُولَكَ. فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةِ نَفَرٍ بِالنَّبْلِ. وَبَقِيَ خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَأَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ، فَلَمَّا أَعْطَوْهُمُ الْعَهْدَ والميثاق نَزَلُوا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ الَّذِي مَعَهُمَا: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ! فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ. فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَقَتَلُوهُ. وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ، وَزَيْدٍ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ، فَاشْتَرَى خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنُ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَكَثَ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى إِذَا أَجْمَعُوا قَتْلَهُ اسْتَعَارَ مُوسًى مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ يستحد بِهَا فَأَعَارَتْهُ. قَالَتْ: فَغَفَلْتُ عَنْ صَبِيٍّ لِي فَدَرَجَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ فَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَ ذَلِكَ مِنِّي، وَفِي يَدِهِ الْمُوسَى فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كنت لأفعل ذَلِك إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَكَانَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قَطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مِنْ ثَمَرِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا كَانَ إِلَّا رِزْقًا رَزَقَهُ اللَّهُ. فَخَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَالَ: دَعَونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ هُوَ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بِدَدًا. ثُمَّ قَالَ: وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ فِي اللَّهِ مصرعي وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّع قَالَ: ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَتْ قُرَيْش إِلَى عَاصِم ليؤتوا بشئ مِنْ جَسَدِهِ يَعْرِفُونَهُ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَتَلَ عَظِيمًا من عظمائهم يَوْم بدر، فَبعث الله عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ (ذكور النحل) فَحَمَتْهُ مِنْ رسلهم فَلم يقدروا مِنْهُ على شيء. هَكَذَا سَاقَ الْبُخَارِيُّ فِي كتاب المغازى من صَحِيحه قصَّة الرَّجِيعِ. وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي التَّوْحِيدِ وَفِي الْجِهَادِ مِنْ طُرِق فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ الدَّبْرَ مَنَعَتْهُ: يَحْفَظُ اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ! انَ عَاصِم نذر أَلا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلَا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا فِي حَيَاتِهِ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا امْتَنَعَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ![1] وأما زيد بن الدثنة رضي الله عنه فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه. وقد قال له أبو سفيان: أيسرك أن محمداً عندنا تضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ فقال: والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه. يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمداً)[2]... وهنا يحتار القلم من أي نقطة يبتدئ من شجاعة عاصم بن ثابت رضي الله عنه وأصحابه، وهو يأبى أن يسلم سيفه إلا صريعاً جنبه مقاتلاً في سبيل الله.. يرتفع بإيمانه فوق أشد شغفٍ وحبٍ للإنسان.. شغف الحياة.. وأي عقيدة في الكون إلا الإسلام ترتقي فيها التضحية إلى الجود بالنفس راضيا؟!.. وأى دنسٍ يفر منه رجل هو مستعد لدفع روحه ثمنا لفراره.. قَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا رَسُولَكَ... هكذا كانوا بالمقال والحال يقولون ? قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ? [الأنعام: 71]... وعاصم رضي الله عنه صاحب الكرامة - وقد كان أعطى الله عهدا أن لا يمس مشركا وألا يمسه مشرك أبدا، تنجسا!- عصمه الله تعالى من التمثيل بجثته وحماه بالنحل، وكأن الكون كله يؤيد هؤلاء الأتقياء الأنقياء الأولياء الأطهار، وهذا حال من أرضى الله ورسوله فرضّى الله عنه كل شيء.. أما خبيب الصابر المحتسب؛ الذي اتخذ موقفًا رجوليًا في نصرة الحق يوم ضعف الإسلام (يوم بدر).. ليحمل على نفسه حراب الثأر، وسهام الغل والحقد والحنق.. ولكنها الرجولة الإسلامية تعلو فوق المواقف وتثبت للنهاية ولو كانت الموت بين يدى كل هذا الغل.. (لَوْلَا أَنْ تَرَوْا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ. أى في الصلاة).. وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ فِي اللَّهِ مصرعي وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه وَإِن يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ هذه العقيدة واليقين تفعل بأصحابها فوق ما يتخيلون هم عن أنفسهم، وفوق ما يتخيل بشر.. هؤلاء إخواننا في الشيشان المنسي، وفى فلسطين، وفى غيرها من أهل شهادة الحق (لا إله إلا الله.. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) يقاتلون أعداءا شدادا معهم كل شئ إلا الله سبحانه، وليس مع المؤمنين شيء سوى الله.. تحت سمع وبصر العالم الحر المدافع عن حقوق الإنسانية كما يدعى، والتي تغتال مليون مرة ولا تحريك لأي من ضمائرهم الميتة.. ولكنه الصمود والغلبة في النهاية للحق بإذن الله تعالى.. إنني أصبحت الآن أعرف سراً من أسرار ولايتهم، وكراماتهم، وبطولاتهم.. إن خبيباً رضى الله عنه أراد أن يعلنها مدويةً في سماء الإنسانية.. يفخر بنفسه.. أنا مسلم!.. ولست أبالي حين أقتل مسلما... كما أعلنها من قبله عاصم بن ثابت.. وكلٌ بطريقته.. ولكن الدرس الأعجب للتاريخ أن هذا الرجل (خبيب) أراد أن تكون آخر وقفات الرجولة في حياته بين يدى ربه.. هي أعلى قمم البطولة، وهو ساجد بين الله تعالى.. يصلى له ويقول بكل يقين (الله أكبر، سبحان ربى العظيم، سبحان ربى الأعلى.. اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وَاقْتُلْهُمْ بِدَدًا. ).. أمام هذا الإيمان والصدق ينفطر كل شئ حتى قلب الكافر.. (كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ: حَضَرْتُهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ حَضَرَهُ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُلْقِينِي إِلَى الأرض فَرِقا مِنْ دَعْوَةِ خُبَيْبٍ.. من السيرة لابن كثير).. وفى رجال كهؤلاء حرى بالكرامات أن تنزل، لا لشئ إلا لأن هؤلاء صدقوا الله فصدقهم.. هذه المرأة في بيت آسريه تقول (لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ مِنْ قَطْفِ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مِنْ ثَمَرِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا كَانَ إِلَّا رِزْقًا رَزَقَهُ اللَّهُ).. ولرزق الله في الجنة خير وأبقى.. إنه لما قدم أعز ما يملك إنسان - نفسه - لدينه وفي سبيل ربه.. قدَّم الله تعالى له نعيمه.. يريه إياه في الدنيا.. ولكني أتوقف هنا عند مشهد آخر يبين لنا بوضوح خصائص فريدة لصناعة الرجولة الإسلامية.. وهي تلك القواعد الأرِقى في سماء الرجولة، ومواقف البطولة.. وهي التي لا تأخذ الرجل منهم في نشوته تنسيه الأخلاق العالية، والقيم الرفيعة التي رباهم الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم عليها.. هذا خبيب رضى الله عنه.. رجلٌ التعذيب والقتل بكل قسوة مصيره المحتوم.. وقد خُدع فأُسر.. وقد واتته الفرصة ببعض الانتقام.. طفلٌ من أولاد آسريه.. على حجره، ومعه الموسى.. ما أسرع نفس لم يهذبها الإسلام إلى الفكرة.. ولكن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأمه؛ وبهدوء مؤدب يطمئنها (أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كنت لأفعل ذَلِك إِنْ شَاءَ اللَّهُ.) واللام هنا -كما يعرف أهل اللغة - لام الجحود (النفي الشديد).. إن هذا قد يحدث من أى أحد إلا من تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم.. روى مسلم في صحيحه (1787) عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قَالَ: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: «انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ».. إن المسلمين في غزوة بدر كانوا في أمس الحاجة إلى رجل يقاتل؛ أو حتى يدفع عنهم، فكيف برجلين جلدين؟! والحرب خدعة.. ما يباح فيها لايباح في غيرها.. والظرف عصيب يبيح الكثير.. والظلم والبغى بدأ من معسكر الكفر أولا.. وهم لو وجدوا بعض فرصة ما تركوها... ولكن في أحلك الظروف تثبت مبادئ الرجولة الإسلامية.. (نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ ).. هكذا تعلموا الرجولة. إنها الوفاء، أما الخيانة فخسة ورعونة. (روي أن رجلاً قال لابن عباس: «إِنّا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة، قال ابن عباس: فماذا تقولون؟ قالوا نقول ليس علينا بذلك بأس، قال: هذا كما قال أهل الكتاب ? لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ? [آل عمران: 75] إِنهم إِذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إِلا بطيب أنفسهم» ذكره ابن كثير.)[3]. فأين العالم المتحضر من النهب، والتدمير، والإفساد، والاغتصاب باسم الحرية المزعومة، ولا تعليق!!!! ولنرجع إلى حادثة (الرجيع) ذلك المعين الصافي لكثير من قصص الرجولة، وكأنها معرض لمنتجات الرجولة الإسلامية.. نموذج آخر للسمو العقدي في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضربه (زيد ن الدثنة رضى الله عنه).. وقد التفّت حوله طبول الموت.. تفتنه عن دينه للمرة الأخيرة، عله يفقد رباط جأشه عندما يقترب الموت منه.. ولكنهم لم يعلموا أن محمدا خلّف رجالا.. يوصى بعضهم بعضا يقولون (قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيكم). وان كان اليهود يريدون إحباط مصانع الرجولة الإسلامية بقولهم (محمد خلف بنات)؛ فهي محاولة اليائس.. الذي أدرك الهزيمة قادمة لا محالة، فقرر إخراج حقده في الشتائم والسباب.. نعم فينا الكثير ممن خان محمد صلى الله عليه وسلم.. ولكنى أقولها عاليةً.. متى كان الإسلام دين الكثرة؟!.. إنه وعلى مدى تاريخه دين النوع لا الكم.. ? كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ? [البقرة: 249].. الإيمان فيه صنع من الفرد الواحد رجلا بألف.. هكذا كان العرض على الصحابي الجليل في أحرج أوقات الحياة.. حين تطير القلوب من الصدور، وتذهب العقول.. حين الموت المحقق، وبلا رحمة ولا شفقة.. (أيسرك أن محمداً عندنا تضرب عنقه، وأنك في أهلك؟).. ليجيب الرجل المؤمن وبكل ثقة بما أذهل الجميع (والله ما يسرني أني في أهلي وأن محمداً في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه).. يتعجب القوم من حوله يقول قائلهم: (والله، ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً).. أيُّ حب هذا الذي يدفع الروح - بلا تفكير - أن تخرج؛ وهي تلهج بالسلامة للمحبوب؟! وأي شخصية كان رسول الله محمد ليملك كل هذه القلوب؟! وهل بلغنا من حبه صلى الله عليه وسلم مثل زيد بن الدثنة وأصحابه؟!.. هل عرفت الآن لم انتصر صحب محمد صلى الله عليه وسلم على الدنيا وكتبوا التاريخ؟ وهل نحن مستعدون؟! [1] من السيرة النبوية لابن كثير 3 / 125. [2] ( الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم لابن كثير 1 / 154 ط مؤسسة علوم القرآن..). [3] نقلته عن صفوة التفاسير (1/ 194). "
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.