إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (5)

الكاتب: المدير -
إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (5)
"إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (6) قوله: وبعدَ خمسٍ وثلاثينَ حضَرْ بُنيانَ بيتِ اللهِ لَمَّا أنْ دَثَرْ وحكَّموه ورضُوا بما حَكَمْ في وَضْعِ ذاك الحَجَرِ الأسودِ ثَمْ ولما بلَغ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الخامسة والثلاثين[1]، أرادت قريشٌ تجديد بناء الكعبة، بعدما تهدَّمت بسبب عوامل الطبيعة من أمطار وسيول وغيرها، ثم اختلفوا - بعد بنائه - فيمن يضَع الحجَر الأسود مكانه، فحكَّموا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فحكَم بينهم. عن علي - رضي الله عنه - قال: لما انهدم البيتُ بعد جُرهمٍ[2]، فبَنَتْه قريشٌ، فلما أرادوا وضْعَ الحجَر تشاجروا من يضعه، فاتفقوا على أن يضعه أولُ من يدخل من هذا الباب، فدخل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من باب بني شيبةَ، فأمر بثوبٍ فوُضِع، فأخَذ الحجر فوضعه في وسطه، وأمَر من كل فخذٍ أن يأخذوا بطائفةٍ من الثوب فيرفعوه، وأخذه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فوضَعه[3]. وعن السائب بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه كان فيمن يبني الكعبة في الجاهلية، قال: ولي حجَرٌ أنا نحتُّه بيدي أعبدُه من دون الله - تبارك وتعالى - فأجيء باللبَن الخاثر الذي أنفسه على نفسي، فأصبُّه عليه، فيجيء الكلبُ فيلحَسه، ثم يشغر فيبول، فبنَيْنا حتى بلَغنا موضع الحجَر، وما يرى الحجرَ أحدٌ، فإذا هو وسط حجارتنا مثل رأس الرجل يكاد يتراءى منه وجهُ الرجل، فقال بطنٌ من قريشٍ: نحن نضعه، وقال آخرون: نحن نضعه، فقالوا: اجعلوا بينكم حكَمًا، قالوا: أول رجلٍ يطلُع من الفج، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أتاكم الأمين، فقالوا له، فوضَعه في ثوبٍ، ثم دعا بطونهم فأخَذوا بنواحيه معه، فوضعه هو - صلى الله عليه وسلم[4]. وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينقُل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباسُ عمه: يا بن أخي، لو حللتَ إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة، قال: فحلَّه فجعَله على منكبيه، فسقط مغشيًّا عليه، فما رئي بعد ذلك عريانًا - صلى الله عليه وسلم[5]. قوله: وبعد عام أربعين أُرسلا في يوم الاثنين يقينًا فانقلا في رمضان أو ربيع الأولِ وسورةُ اقرأ أول المنزلِ   لما بلَغ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأربعين من عمره، أنعَم الله - تعالى- عليه بنور النبوة والإيمان؛ ليبدد به ظلماتِ الكفر والطغيان. عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: بُعِث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأربعين سنةً[6]. وعن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن، ولا بالقصيرِ، ولا بالأبيض الأمهق، وليس بالآدَمِ، وليس بالجَعْدِ القطط، ولا بالسبط، بعَثه الله على رأس أربعين سنةً[7]. وكان ذلك موافقًا يوم الاثنين. عن أبي قتادة الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن صوم يوم الاثنين، قال: ((ذاك يومٌ وُلِدْتُ فيه، ويومٌ بُعِثت - أو أُنزل عليَّ - فيه[8])). وأما الشهر الذي بُعث فيه - صلى الله عليه وسلم - فقيل: بُعث في ربيع الأول، وقيل: في رمضان، وهو ما ذهَب إليه ابن إسحاق - رحمه الله[9]. وهو المشهور عند الجمهور. قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: والمشهور أنه بُعث - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضانَ؛ كما نص على ذلك عبيدُ بن عميرٍ، ومحمد بن إسحاق، وغيرهما، قال ابن إسحاق مستدلاًّ على ذلك بما قال الله -تعالى-: ? شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ ? [البقرة: 185]. فقيل: في ثاني عَشرِه، وروى الواقدي بسنده عن أبي جعفرٍ الباقر أنه قال: كان ابتداءُ الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين، لسبع عشرة ليلةً خلت من رمضان، وقيل: في الرابع والعشرين منه. روى الإمام أحمد[10] عن واثلةَ بن الأسقع - رضي الله عنه - أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أُنزِلت صُحف إبراهيم - عليه السلام - في أول ليلةٍ من رمضان، وأنزلت التوراةُ لِسِتٍّ مضَيْنَ من رمضان، والإنجيل لثلاثَ عَشْرة خلت من رمضان، وأُنزِل الفرقان لأربعٍ وعشرين خلت من رمضان))[11]؛ اهـ. وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: والمشهور عند الجمهور أنه وُلِد - صلى الله عليه وسلم - في شهر ربيعٍ الأول، وأنه بُعث في شهر رمضان[12]؛ اهـ. ولقد مهَّد الله - تعالى - لبعثة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - بإرهاصاتٍ وعلامات منذ ولادته، منها ما هو حِسي بأحداث حدثت له - صلى الله عليه وسلم - كالذي رأته أمُّه حين ولادته، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا دعوة أبي إبراهيمَ، وبشرى عيسى، ورأتْ أمِّي حين حملت بي أنه خرج منها نورٌ أضاءت له بُصرَى من أرض الشام))[13]. وكالحجَر الذي كان يسلِّم عليه - صلى الله عليه وسلم. عن جابر بن سمُرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعرفُ حجَرًا بمكة كان يسلِّم عليَّ قبل أن أُبعَث، إني لأعرفُه الآن))[14]. ومن هذه العلاماتِ والإرهاصات أيضًا ما حدَث له - صلى الله عليه وسلم - في قصة رَضاعه عند حليمة السعدية، وقصته - صلى الله عليه وسلم - مع بَحيرا الراهب، وقد تقدم ذكرهما. ومن هذه العلامات ما هو معنوي ظهَر في أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - كتركِه الكذب، وتركه شُربَ الخمر، خلافًا لعادة الرجال في ذلك الوقت، وعدم سجوده - صلى الله عليه وسلم - لصنم، وغير ذلك من صفات الشهامة والرجولة، حتى قالت له خديجة - رضي الله عنها -: فوالله، إنك لتصِلُ الرحم، وتصدُق الحديث، وتحمِل الكَلَّ، وتَكسِب المعدومَ، وتَقرِي الضيف، وتُعين على نوائب الحق[15]. فلما بلغ - صلى الله عليه وسلم - الثامنة والثلاثين من عمره، ترادفت عليه علاماتُ النبوة، وتحدَّث بها الرهبان والكهان. من ذلك: ما رواه البخاري عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: ما سمِعْت عمر لشيءٍ قط يقول: إني لأظنه كذا، إلا كان كما يظن، بينما عمر جالسٌ إذ مر به رجلٌ جميلٌ، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينِه في الجاهلية، أو لقد كان كاهنهم؛ عليَّ الرَّجل، فدُعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيتُ كاليوم استُقبِل به رجلٌ مسلمٌ، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنَهم في الجاهلية، قال: فما أعجَبُ ما جاءتْك به جِنِّيَّتُك؟ قال: بينما أنا يومًا في السوق، جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت: ألم ترَ الجنَّ وإبلاسَها، ويأسَها من بعد إنكاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها؟[16]، قال عمر: صدَق؛ بينما أنا نائمٌ عند آلهتهم إذ جاء رجلٌ بعِجلٍ فذبحه، فصرَخ به صارخٌ، لم أسمَع صارخًا قط أشدَّ صوتًا منه، يقول: يا جليح، أمرٌ نجيح[17]، رجلٌ فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم، قلت: لا أبرَح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمرٌ نجيح، رجلٌ فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فقُمْت، فما نشبنا[18] أن قيل: هذا نَبي[19]. ومن ذلك: أن مُنِعت الجنُّ من استراق السَّمع[20]. وحينها قالت الجن: ? وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ? [الجن: 8، 9]. ومن ذلك: ما ورَد عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن أول خبرٍ كان بالمدينة بمبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأةً من أهل المدينة كان لها تابعٌ من الجن، فجاء في صورة طائرٍ أبيض، فوقَع على حائطٍ لهم، فقالت له: ألا تنزِلُ إلينا فتحدثنا ونحدثك، وتخبرنا ونخبرك؟ قال لها: إنه قد بُعث نبي بمكة حرَّم الزنا، ومنَع منا القرار[21]. وعن سلمة بن سلامة بن وَقَشٍ - وكان من أصحاب بدرٍ - قال: كان لنا جارٌ من يهودَ في بني عبدالأشهل، قال: فخرج علينا يومًا من بيته قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسيرٍ، فوقَف على مجلس بني عبدالأشهل، قال سلمة: وأنا يومئذٍ أحدَث مَن فيه سنًّا، عليَّ بردةٌ، مضطجعًا فيها بفِناء أهلي، فذكر البعث والقيامة والحساب، والميزان، والجنة والنار، فقال ذلك لقومٍ أهل شركٍ، أصحاب أوثانٍ، لا يرون أن بعثًا كائنٌ بعد الموت، فقالوا له: ويحك يا فلانُ، ترى هذا كائنًا؟ أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دارٍ فيها جنةٌ ونارٌ، يُجزَون فيها بأعمالهم؟ قال: نعم، والذي يحلف به، يود أن له بحظه مِن تلك النار أعظمَ تنُّورٍ فيالدنيا، يحمونه ثم يُدخِلونه إياه فيُطبق به عليه، وأن ينجوَ من تلك النار غدًا، قالوا له: ويحك، وما آية ذلك؟ قال: نَبي يُبعَث من نحوِ هذه البلاد، وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا: ومتى نراه؟ قال: فنظَر إليَّ وأنا من أحدِثهم سنًّا، فقال: إن يستنفِدْ هذا الغلام عمره يُدرِكْه، قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعَث الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو حي بين أظهُرِنا، فآمنا به، وكفَر به بغيًا وحسدًا، فقلنا: ويلك يا فلان، ألست بالذي قلتَ لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى، ولكن ليس به[22]. وروى ابنُ إسحاق، عن عاصم بن عمرَ بن قتادة، عن رجالٍ من قومه، قالوا: إن مما دعانا إلى الإسلام، مع رحمة الله - تعالى - وهُداه لنا: لما كنا نسمَع من رجال يهود، وكنا أهل شركٍ أصحاب أوثانٍ، وكانوا أهل كتابٍ، عندهم علمٌ ليس لنا، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرورٌ، فإذا نِلنا منهم بعضَ ما يكرهون، قالوا لنا: إنه قد تقارَب زمانُ نبيٍّ يُبعَث الآن، نقتلكم معه قتل عادٍ وإرمَ، فكنا كثيرًا ما نسمع ذلك منهم، فلمَّا بعث الله رسولَه - صلى الله عليه وسلم - أجبناه، حين دعانا إلى الله - تعالى - وعرفنا ما كانوا يتوعَّدوننا به، فبادرناهم إليه، فآمنا به، وكفَروا به، ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة: ? وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ? [البقرة: 89] [23]. وروى ابنُ إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخٍ من بني قريظةَ قال لي: هل تدري عمَّ كان إسلامُ ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيدٍ، نفرٍ من بني هدلٍ، إخوةِ بني قريظة، كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتَهم في الإسلام؟ قال: قلت: لا والله، قال: فإن رجلاً من يهودَ من أهل الشام، يُقال له: ابنُ الهَيْبان، قدِم علينا قبيل الإسلام بسنين، فحلَّ بين أظهرنا، لا والله ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضلَ منه، فأقام عندنا، فكنَّا إذا قحط عنا المطرُ، قلنا له: اخرج يا بن الهيبان فاستسقِ لنا، فيقول: لا والله حتى تُقدِّموا بين يدي مخرَجِكم صدقةً، فنقول له: كم؟ فيقول: صاعًا من تمرٍ، أو مُدَّين من شعيرٍ، قال: فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرَّتنا فيستسقي الله لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ونسقى، قد فعل ذلك غير مرةٍ ولا مرتين ولا ثلاثٍ، قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرَف أنه ميتٌ، قال: يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال: قلنا: إنك أعلَم، قال: فإني إنما قدمت هذهالبلدة أتوكَّف[24] خروج نبيٍّ قد أظل[25] زمانه، وهذه البلدة مهاجَرُه، فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه، وقد أظلكم زمانه، فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء، وسبي الذراري والنساء ممن خالفه، فلا يمنعكم ذلك منه. فلما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصر بني قريظة، قال هؤلاء الفتية - وكانوا شبابًا أحداثًا -: يا بني قريظة، والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان، قالوا: ليس به، قالوا: بلى والله، إنه لهو بصفته، فنزلوا وأسلموا، وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم[26]. ومن ذلك ما رواه عبدالله بن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: حدثني سلمان الفارسي حديثه مِن فِيه، قال: كنت رجلاً فارسيًّا من أهل أصبهان من أهل قريةٍ منها يقال لها: جي، وكان أبي دِهقان قريته[27]، وكنتُ أَحبَّ خلق الله إليه، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تُحبَس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قَطِنَ النارِ الذي يوقدها[28] لا يتركها تخبو ساعةً، قال: وكانت لأبي ضيعةٌ عظيمةٌ، قال: فشغل في بنيانٍ له يومًا، فقال لي: يا بُني، إني قد شغلت في بنيانٍ هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمَرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضَيعته، فمررت بكنيسةٍ من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس؛ لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررتُ بهم، وسمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبتُ في أمرهم، وقلت: هذا والله خيرٌ من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصْلُ هذا الدين؟قالوا: بالشام، قال: ثم رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي وشغلتُه عن عمله كله، قال: فلما جئته، قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناسٍ يصلون في كنيسةٍ لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أيْ بُنيَّ، ليس في ذلك الدين خيرٌ، دينك ودين آبائك خيرٌ منه، قال: قلت: كلا والله إنه لخيرٌ من ديننا، قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدًا، ثم حبسني في بيته، قال: وبعثتُ إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركبٌ من الشام تجارٌ من النصارى فأخبروني بهم، قال: فقدم عليهم ركبٌ من الشام تجارٌ من النصارى، قال: فأخبروني بهم، قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيتُ الحديد من رِجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمتُ الشام، فلما قدمتُها، قلت: من أفضلُ أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، قال: فجئتُه، فقلت: إني قد رغبتُ في هذا الدين، وأحببتُ أن أكون معك أخدُمُك في كنيستك، وأتعلَّم منك وأصلي معك، قال: فادخُل، فدخلت معه، قال: فكان رجل سَوءٍ يأمرهم بالصدقة ويرغِّبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء، اكتنزه لنفسه، ولم يعطِه المساكين، حتى جمع سبع قلالٍ من ذهبٍ وورِقٍ، قال: وأبغضته بغضًا شديدًا لِما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعَتْ إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سَوءٍ؛ يأمركم بالصدقة ويرغِّبكم فيها، فإذا جئتموه بها، اكتنزها لنفسه ولم يعطِ المساكين منها شيئًا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلتُ: أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدُلَّنا عليه، قال: فأريتُهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلالٍ مملوءة ذهبًا وورِقًا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدًا فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، ثم جاؤوا برجلٍ آخر، فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلاً لا يصلي الخمس، أرى أنه أفضل منه، وأزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلاً ونهارًا منه، قال: فأحببته حبًّا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانًا، ثم حضرته الوفاة، فقلتُ له: يا فلان، إني كنتُ معك وأحببتك حبًّا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدَّلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلاً بالموصل، وهو فلانٌ؛ فهو على ما كنتُ عليه، فالحَقْ به، قال: فلما مات وغُيِّب، لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانًا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره، قال: فقال لي: أقِمْ عندي، فأقمت عنده، فوجدتُه خيرَ رجلٍ على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانًا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من الله - عز وجل - ما ترى، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم رجلاً على مثل ما كنا عليه إلا بنَصِيبِينَ، وهو فلانٌ، فالحَقْ به، قال: فلما مات وغُيِّب، لحقت بصاحب نَصِيبينَ، فجئته فأخبرته خبري، وما أمرني به صاحبي، قال: فأقِم عندي، فأقمت عنده، فوجدتُه على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجلٍ، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حُضر، قلت له: يا فلان، إن فلانًا كان أوصى بي إلى فلانٍ، ثم أوصى بي فلانٌ إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما نعلم أحدًا بقي على أمرنا، آمرك أن تأتيه إلا رجلاً بعمُّورية، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأتِه، قال: فإنه على أمرنا، قال: فلما مات وغُيِّب، لحقتُ بصاحب عمُّورية، وأخبرته خبري، فقال: أقِم عندي، فأقمت مع رجلٍ على هدي أصحابه وأمرِهم، قال: واكتسبت حتى كان لي بقراتٌ وغنيمةٌ، قال:ثم نزل به أمر الله، فلما حُضر، قلت له: يا فلان، إني كنت مع فلانٍ، فأوصى بي فلانٌ إلى فلانٍ، وأوصى بي فلانٌ إلى فلانٍ، ثم أوصى بي فلانٌ إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلَمُه أصبح على ما كنا عليه أحدٌ من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوثٌ بدين إبراهيم يخرُج بأرض العرب، مهاجرًا إلى أرضٍ بين حرَّتين بينهما نخلٌ، به علاماتٌ لا تخفى؛ يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتَمُ النبوة، فإن استطعتَ أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال: ثم مات وغُيِّب، فمكثتُ بعمُّورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفرٌ من كلبٍ تجارًا، فقلت لهم: تحمِلوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم، فأعطيتموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلَموني فباعوني من رجلٍ من يهودَ عبدًا، فكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن يكون البلد الذي وصَف لي صاحبي، فبينما أنا عنده، قدم عليه ابنُ عم له من المدينة من بني قريظة، فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتُها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمتُ بها، وبعَث الله رسولَه، فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكرٍ مع ما أنا فيه من شغل الرِّق، ثم هاجر إلى المدينة[29]. وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيلٍ: أن زيد بن عمرو بن نفيلٍ، وورقة بن نوفلٍ، خرجا يلتمسان الدين، حتى انتهيا إلى راهبٍ بالموصل، فقال لزيد بن عمرٍو: من أين أقبلتَ يا صاحب البعير؟ قال: من بيت إبراهيم عليه السلام، قال: وما تلتمس؟ قال: ألتمس الدِّين، قال: ارجع؛ فإنه يوشك أن يظهَر الذي تطلُب في أرضك. فأما ورقةُ بن نوفلٍ، فتنصَّر، وأما زيدٌ، فعرض على النصرانية فلم توافِقْه، فرجع وهو يقول: لبَّيكَ حقًّا حقَّا تعبُّدًا ورِقَّا البرَّ أبغي لا الخَالْ وهل مُهجِّرٌ كمن قَالْ آمنتُ بما آمَن به إبراهيم. وهو يقول: أنفي لك عانٍ راغِمْ مهما تُجشِّمني فإني جاشِمْ ثم يخِرُّ فيسجُد[30]. وقبيل مبعثه - صلى الله عليه وسلم - كان وحيُه منامًا، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مِثل فلَق الصبح[31]. ثم حُبِّب إليه الخَلوة، فكان يخلو في غار حراء شهر رمضان يتعبَّد فيه[32]. ثم بعد ذلك نزَل الوحي من السماء، من عند رب العزة على الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم. فكيف كان نزولُ الوحي عليه - صلى الله عليه وسلم - لأول مرة؟ وأين كان هذا؟ وما الذي حدث له - صلى الله عليه وسلم - حينها؟ وكيف كان موقفُ مَن حوله منه - صلى الله عليه وسلم - حين أخبرهم بذلك؟ هذا ما سنعرفه من خلال الحديثِ الصحيح المرويِّ في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: أول ما بُدِئ به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحيِ الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مِثل فلَق الصبح، ثم حُبِّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراءٍ فيتحنَّثُ فيه - وهو التعبد - اللياليَ ذواتِ العدد، قبل أن ينزِعَ إلى أهله، ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزوَّد لمثلها، حتى جاءه الحقُّ وهو في غار حراءٍ، فجاءه الملَك فقال: اقرأ، قال: ((ما أنا بقارئٍ))، قال: ((فأخَذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسَلني، فقال: اقرأ، قلتُ: ما أنا بقارئٍ، فأخَذني فغطني الثانيةَ حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرَأ، فقلتُ: ما أنا بقارئٍ، فأخَذني فغطني الثالثة، ثم أرسَلني، فقال: ? اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ? [العلق: 1 - 3]))، فرجَع بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يرجُف فؤاده، فدخَل على خديجةَ بنت خويلدٍ - رضي الله عنها - فقال: ((زمِّلوني زمِّلوني))، فزمَّلوه حتى ذهب عنه الرَّوع، فقال لخديجة وأخبَرها الخبر: ((لقد خشيتُ على نفسي))، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك اللهُ أبدًا؛ إنك لتصِلُ الرَّحم، وتحمل الكَلَّ، وتَكسِب المعدوم، وتَقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق، فانطلقتْ به خديجةُ حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبدالعزى ابنَ عم خديجة، وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية، وكان يكتُب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتُب، وكان شيخًا كبيرًا قد عمِي، فقالت له خديجة: يا بن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا بنَ أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقةُ: هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَمُخرِجيَّ هم؟!))، قال: نعم، لم يأتِ رجلٌ قط بمثل ما جئتَ به إلا عُودِي، وإن يدرِكْني يومك أنصُرْك نصرًا مؤزرًا. ثم لم ينشَب ورقةُ أن توفي، وفتَر الوحي[33]. فترة الوحي: ثم فتَر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة[34]؛ كما هو مذكور في الحديث المتقدم، وعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أنه سمِع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ثم فتَر عنِّي الوحي فترةً))[35]. ولم تُذكَر مدة فتور الوحي بالتحديد، إلا ما ورد عند ابن سعد في الطبقات[36] - بسند غير صحيح - أنها كانت أيامًا، وما ورد من مرسل الشعبي: أنها كانت سنتين ونصفًا[37]، ولا يصح أيضًا. وأما ما ذُكر في بعض طرق حديث عائشة السابق عن محاولة النبي - صلى الله عليه وسلم - التردي من شواهق الجبال حزنًا على غياب الوحي عنه[38]، فهو من مراسيل الزهري، وليس موصولاً؛ كما قرَّر ذلك ابنُ حجر رحمه الله[39]، ومراسيل الزُّهري معروفةٌ بشدة ضعفها. عودة الوحي: ثم حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عودة الوحي مرة أخرى، عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أنه سمِع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يحدِّث عن فترة الوحي؛ قال: ((فبينا أنا أمشي سمعتُ صوتًا من السماء، فرفعتُ بصري قِبَل السماء، فإذا الملَك الذي جاءني بحراء قاعدٌ على كرسي بين السماء والأرض، فجُئِثْتُ[40] منه حتى هويت إلى الأرض، فجئتُ أهلي، فقلت: زمِّلوني، زمِّلوني، فزمَّلوني؛ فأنزَل الله - تعالى -: ? يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ ? [المدثر: 1، 2]، إلى قوله: ? وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ? [المدثر: 5]- قال أبو سلَمةَ: والرجز: الأوثان - ثم حمِي الوحي وتتابع))[41]. [1] كما ذكر ذلك ابن هشام عن ابن إسحاق؛ سيرة ابن هشام (1/ 192). [2] حيث انهدم البيت من عوامل الطبيعة والزمن، فبَنَتْه قبيلة جُرْهم، ثم انهدم بعدها، فبَنَتْه قريش. [3] أخرجه الطيالسي (9208)، وابن أبي شيبة في المصنف (29084)، والبيهقي في الكبرى (9208)، وفي الدلائل (2/ 56)، وحسنه الألباني في صحيح السيرة (45). [4] أخرجه أحمد (15504)، وصححه الألباني في صحيح السيرة (45). [5] متفق عليه: أخرجه البخاري (364)، ومسلم (340). [6] متفق عليه: أخرجه البخاري (3902)، ومسلم (2351)، واللفظ للبخاري. [7] متفق عليه: أخرجه البخاري (3548)، ومسلم (2347). [8] صحيح: أخرجه مسلم (1162). [9] مغازي ابن إسحاق (130)، وسيرة ابن هشام (1/ 239). [10] في المسند (16984)، وأخرجه أيضًا البيهقي في الكبرى (18649)، والطبراني في المعجم الكبير (185). [11] البداية والنهاية (4/ 15، 16). [12] فتح الباري (6/ 570). وما ذهب إليه الحافظان ابنُ كثير وابن حجَر من أن هذا هو قول الجمهور، خلاف ما ذكره ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (1/ 76)؛ حيث قال: واختُلف في شهر المبعث؛ فقيل: لثمانٍ مضين من ربيعٍ الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل، هذا قول الأكثرين، وقيل: بل كان ذلك في رمضان. [13] أخرجه أحمد (22261)، والطيالسي (1236)، والحاكم (4174)، وصححه الألباني في الصحيحة (1546)، وصحيح الجامع (3451). [14] صحيح: أخرجه مسلم (2277). [15] متفق عليه: سيأتي تخريجه. [16] تقول: أبلَس الرجل إذا سكت ذليلاً أو مغلوبًا، ويأسها من بعد إنكاسها: اليأس ضد الرجاء، والإنكاس: الانقلاب، ومعناه: أنها يَئِست من استراق السمع بعد أن كانت قد ألِفَتْه فانقلبت عن الاستراق مُذْ يَئِست من السمع. والقِلاص بكسر القاف وبالمهملة: جمع قُلُص بضمتين، وهو جمع قَلوص: وهي الفَتِيَّة من النِّياق. والأحلاس: جمع حِلْس بكسر فسكون، وهو كساءُ جِلد يوضع على ظهر البعير. [17] الجليح معناه: الوقح المكافح بالعداوة؛ قال ابن حجَر: ووقَع في معظم الروايات التي أشرت إليها: يا آل ذريح، وهم بطن مشهور في العرب. أمر نجيح؛ أي: صواب؛ لسان (2/ 612). [18] نشِبنا: لبِثنا. [19] صحيح: أخرجه البخاري (3866)، والرَّجل هو: سواد بن قارب؛ كما صرح به في بعض طُرق الحديث؛ مستدرك الحاكم (6558). [20] صحيح البخاري (4921). [21] أخرجه أحمد (14835)، وأبو نعيم في الدلائل (56)، والبيهقي في الدلائل (2/ 261)، وحسنه الألباني في صحيح السيرة (83). [22] أخرجه أحمد (15841)، والحاكم (5764)، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وابن هشام في السيرة (1/ 212)، ثلاثتهم من طريق ابن إسحاق، وصححه الألباني في صحيح السيرة (59). [23] أخرجه ابن إسحاق في المغازي (84)، وعنه ابن هشام في السيرة (1/ 211)، وصححه الألباني في صحيح السيرة (57). [24] أتوكَّف: أنتظر. [25] أظلَّ: اقترب. [26] أخرجه ابن هشام في السيرة (1/ 213)، عن ابن إسحاق، وصححه الألباني في صحيح السيرة (61). [27] الدهقان: بكسر الدال وضمها: رئيس القرية؛ نهاية. [28] قَطن النار: أي: خازنها وخادمها، أراد أنه كان ملازمًا لها لا يفارقها، من قطن في المكان إذا لزمه، ويروى بفتح الطاء جمع قاطن؛ نهاية. [29] أخرجه ابن إسحاق في المغازي (87- 90)، وعنه: أحمد (23737)، وابن هشام في السيرة (1/ 214- 218)، عن ابن إسحاق، وصححه الألباني؛ صحيح السيرة (70). [30] أخرجه الطيالسي (231)، والبيهقي في الدلائل (2/ 124). وقوله: البر أبغي لا الخال: أي: أبغي البرَّ لا الكِبر؛ فالخَال: الكِبْر؛ من الخيلاء، جاء في النهاية (2/ 94): يقال هو ذو خالٍ؛ أي: ذو كِبرٍ. وقوله: وهل مُهجِّر كمن قال: الهجير والهاجرة: اشتدادُ الحرِّ نصف النهار؛ أي: هل من سار في الهاجرة كمن أقام في القائلة؟ نهاية (5/ 246). وقوله: إني لك عانٍ: أي: لك أسيرٌ خاضع متذلل؛ جاء في معجم العين (2/ 258): والعاني: الخاضع المتذلِّل، قال الله - عز وجل -: ? وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ? [طه: 111]، وهي تعنو عنوًّا، وجئت إليك عانيًا؛ أي: خاضعًا كالأسيرِ المرتَهن بذنوبه، والعَنوة: القهر؛ أخذها عَنوةً؛ أي: قهرًا بالسيف، والعاني: مأخوذٌ من العنوة؛ أي: الذلة. وجاء في النهاية (3/ 314): العاني: الأسير، وكل من ذلَّ واستكان وخضع، فقد عنا يعنو، وهو عانٍ، والمرأة عانيةٌ، وجمعها: عوانٍ. ومنه الحديث: ((اتقوا اللهَ في النساء؛ فإنهن عوانٍ عندكم))؛ أي: أُسَراء، أو كالأُسَراء. وقوله: مهما تُجشِّمني فإني جاشم: أي: مهما كلَّفْتني؛ يقال: جشمت الأمر - بالكسر - وتجشمته: إذا تكلفته، وجشَّمته غيري - بالتشديد - وأجشمته: إذا كلَّفته إياه؛ نهاية (1/ 274). [31] سيأتي معنا في الحديث المذكور. [32] سيأتي معنا في حديث خديجة - رضي الله عنها - مع ورقة بن نوفل. [33] متفق عليه: أخرجه البخاري (3)، ومسلم (160). [34] قال ابن حجَر - رحمه الله -: وفتور الوحي عبارةٌ عن تأخره مدةً من الزمان، وكان ذلك ليذهب ما كان - صلى الله عليه وسلم - وجَده من الرَّوع، وليحصل له التشوف إلى العود؛ فتح الباري (1/ 27). [35] متفق عليه: سيأتي. [36] (1/ 196). [37] ذكره ابن حجر في الفتح (1/ 27)، وعزاه إلى تاريخ أحمد بن حنبل. [38] صحيح البخاري (6982). [39] فتح الباري (12/ 359). [40] يقال: جُئِث الرجل؛ إذا فزِع؛ نهاية (1/ 232). [41] متفق عليه: أخرجه البخاري (4926)، ومسلم (161). "
شارك المقالة:
16 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook