قلنا في بحثنا عن الثروة العباسية في العصر العباسي الأول وعلة كثرتها إن أسباب تلك الثروة كثرة الجباية، وقلة النفقة، وفصلنا ذلك تفصيلًا.
فأسباب قلة الثروة يجب أن تكون قلة الجباية، وكثرة النفقة، ولكل من هذين البابين فروع ولكل منها أسباب، هاك تفصيلَها:
بلغت المملكة العباسية أكبر سعتها في أيام الرشيد والمأمون، ثم أخذت بعض الولايات تنفصل عنها لأسباب يطول شرحها، وأول ما استقل من الولايات العباسية إفريقية، بدأت بالاستقلال في أيام الرشيد كما تقدم، ثم خراسان في أيام المأمون، ثم مصر في أيام المعتمد في أواسط القرن الثالث للهجرة، ثم فارس وما وراء النهر وغيرها، ولم يمضِ الربع الأول من القرن الرابع حتى انقسمت تلك المملكة الواسعة إلى بضعة عشر قسمًا، كل منها في حوزة دولة من دول المسلمين، على أن معظم هذه الدول كانت تعد الخليفة العباسي رئيسها الديني وتؤدي إليه أموالًا، بعضها باسم الضمان، والبعض الآخر باسم المصالحة، والآخر باسم الهدية أو غير ذلك، وكان أكثرهم لا يؤدي ما عليه إلا مرة كل بضعة أعوام، وطبيعي أنَّ تَشتُّتَ المملكة على هذه الصورة يقلل مقدار الجباية.
موقع موضوع