أبو بكر الصديق خليفة رسول الله (4)

الكاتب: المدير -
أبو بكر الصديق خليفة رسول الله (4)
"ثالث الخلفاء عثمان بن عفان (2)   ذكر شيء من خطب أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -: قال الحسن البصري: خطب أمير المؤمنين عثمان، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس! اتقوا الله تعالى، فإن تقوى الله غنم، وإن أكيس الناس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، واكتسب من نور الله نوراً لظلمة القبر، وليخشى عبد أن يحشره الله أعمى وقد كان بصيرًا، واعلموا أن من كان الله له؛ لم يخف شيئًا، ومن كان الله عليه؛ فمن يرجو بعده؟!.   وقال مجاهد فيما نُقل إليه أن عثمان - رضي الله عنه - خطب، فقال: ابن آدم! اعلم أن ملك الموت الذي وُكل بك لم يخلفك وتخطى إلى غيرك منذ أنت في الدنيا، وكأنه قد تخطى غيرك إليك؛ فخذ حذرك، واستعد له ولا تغفل؛ فإنه لا يغفل عنك. ومن خطبه - رضي الله عنه -، أنه قال: إن الله أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة؛ فلا تركنوا إليها، فإن الدنيا منقطعة والمصير إلى الله تعالى، فاتقوا الله، فإن تقواه جنة من بأسه ووقاية من عذابه.   ذكر شيء من الفتوحات في عهد أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -: لما تولى أمير المؤمنين عثمان الخلافة واصل الجهاد في سبيل الله كما كان في عهد الخليفتين قبله، فذكر أهل السير أنه فتح في عهده من بلاد فارس: طبرستان، وتركيا وخراسان، ونيسابور، وكان فتحها في عهد عمر؛ إلا أن أهلها ثاروا يريدون استرداد ما أخذ منهم وتحرير أملاكهم؛ فأمر عثمان - رضي الله عنه - على الجيوش التي في البصرة والكوفة بالتوغل في بلاد فارس، ومحاربة من ثار منهم، فتواصل الجهاد في بلاد فارس؛ ففتحت عمورية وطرطوس وأنطاكية وشمال إفريقيا، وأمر عثمان عمرو بن العاص أن يتوجه بجيشه إلى طرابلس وطنجة حتى وصلوا إلى الجزائر.   وفي عهده طلب معاوية من أمير المؤمنين عثمان أن يتوغل في بلاد الروم بالجيوش للجهاد، فركب البحر على أسطول بحري بالجيوش الإسلامية؛ فافتتح بلاد قبرص وما يتبعها حتى توغل في بلاد الروم، وسار نائب أمير المؤمنين عثمان - وهو عبد الله بن أبي سرح - بالجيوش إلى أفريقيا، وانتصر على كل من التقى به وغنموا غنائمَ كثيرة. والخلاصة أن المسلمين في عهد عثمان وفي خلال هذه الغزوات استولوا على أكثر من عشرين مدينة، وهذا كله قبل حصول النزعات وإثارة الفتن على أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -، فحسبنا الله ونعم الوكيل، اللهم صلي على محمد.   ذكر شيء من الأعمال التي قام بها أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه -: 1- أنه أمر بنسخ القرآن وكتابته، وجمعه في المصاحف على حرف واحد بلغة قريش، وكان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقاً في الرقاع واللخاف وفي الصدور؛ فجمعه أبو بكر في صحف ثم في مصحف واحد، ثم نسخ منه مصاحف عديدة، فأرسل إلى كل بلد من بلدان المسلمين مصحف، وكان سبب ذلك والدافع إليه أنه لما انتشر الإسلام ودخل في الإسلام عدد كبير من غير العرب؛ حصل اختلاف في القراءات وتحريف شيء من القرآن لفظًا ومعنًا.   فلذا روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية، فأفزع حذيفة اختلاف الناس في القراءة، فقال لعثمان: يا أمير المؤمنين! أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فعند ذلك عزم عثمان على جمعه من الصحف في مصحف واحد على لغة قريش، فأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك[1]، فأرسلت بها إلى عثمان، فأمر عثمان زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث؛ فنسخوها في المصاحف. وقال: إذا اختلفتم في شيء؛ فاكتبوه بلسان قريش. فمن أجل ذا سمي المصحف (العثماني). فرضي الله عن ذي النورين وعن صحابة نبينا أجمعين.   2- من أعمال أمير المؤمنين عثمان: مواصلة الفتوحات الإسلامية واستمرارها في بلاد العراق والشام وفي البلدان المصرية، وغير ذلك. - رضي الله عنه -.   3- تنظيم بعض أعمال الدولة وتكميلها، وقد رتب رواتب شهرية للمؤذنين وأهل الحسبة. فرضي الله عن أمير المؤمنين عثمان وأرضاه.   ذكر شيء من أخبار الثوار على أمير المؤمنين عثمان، وكيف قتل - رضي الله عنه -: ذكر المؤرخون وأهل السير أن عمدة إثارة الفتنة على أمير المؤمنين عثمان والقائم بها سرًا هو عبد الله بن سبأ اليهودي، من أهل صنعاء، دخل في الإسلام زمن عثمان ظاهرًا لا باطنًا، ثم أخذ يتنقل بين بلدان المسلمين ويبث التحريش على عثمان، ويسعى في إضلال المسلمين وإثارة الفتنة بينهم، فذهب يجول لهذا الغرض، فبدأ بالحجاز، ثم البصرة، ثم الكوفة، ثم ذهب إلى الشام، فلقي في هذه البلدان من استجاب له ما عدا الشام؛ فقد أخرجوه، ثم ذهب إلى مصر، فوجد ضالته المنشودة فيها، فبدأ ينشر سمومه فيها، فجمع أوباشًا من الناس من المصريين ومن البصرة والكوفة، فابتعدوا جميعاً، فقدموا المدينة وعلى المصريين بن عديس و عمرو بن الحمق، وعلى البصريين حكيم بن جبلة، وعلى الكوفيين الأشتر النخعي، كل هؤلاء يريدون خلع عثمان من الخلافة وعزله منها، وأنه في زعمهم لا يصلح، فأظلمت أرجاء المدينة من هذه الفتنة، فأرسل عثمان - رضي الله عنه - رجالاً من الصحابة يتفاوضون معهم؛ غير أنهم رفضوا حتى شددوا عليه الحصار، ومنعوه الماء، ومنعوه الصلاة في المسجد، وأحاطت جيوش الضلالة والفتنة ببيته، وقد دافع عنه من الصحابة: أبو هريرة - رضي الله عنه -، وعبد الله بن سلام، والحسن والحسين ابنا علي بن أبي طالب، ومحمد بن طلحة، وعبد الله بن الزبير، وغيرهم من الصحابة، بذلوا جهدهم يحرسونه ليلاً ونهاراً؛ غير أنهم غلبوا بالكثرة عليهم، فاقتحموا عليه من البيوت المجاورة له. وقد روي أنه - رضي الله عنه - نهى من يدافع عنه أو يقاتل دونه، وحرّج عليهم وقال: لا أحب أن يسفك دم امرئ مسلم بسببي.   وقد روى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في مسنده من طرق صحيحة: أن عثمان أعتق عشرين مملوكاً، ودعا بسراويل؛ فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام، وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام، ورأيت أبا بكر وعمر، وإنهم قالوا لي: اصبر؛ فإنك تفطر عندنا القابلة، ثم إنه طلب مصحفًا، فنشره بين يديه، فقُتل - رضي الله عنه - وهو بين يديه يقرأ القرآن. هذا في مسند أحمد، وقد صححه أحمد محمد شاكر.   روي عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال: لو اجتمع الناس على قتل عثمان؛ لرموا بالحجارة كما رمي قوم لوط. قال ابن إسحاق: قتل عثمان - رضي الله عنه - وهو ابن ست وثمانين سنة، ودُفن ليلاً بموضع يقال له: حش وكوكب تابع للبقيع. قال الواقدي: قُتل عثمان لثمان أو سبع خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وخلافته إحدى عشرة سنة وأياماً. رضي الله عنه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.   [1] لأنها كانت عند أبي بكر، ثم بعده عند عمر، ثم عند حفصة رضي الله عنها. "
شارك المقالة:
13 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook